حمل الألفاظ الواردة في القرآن على ما يقتضيه العرف الشرعي، دون الوضع اللغوي، على ما بيناه في أصول الفقه، والثاني: أن الالتذاذ لا اعتبار به في وجوب المهر، لأنا لو قدرنا ارتفاعه عمن وطئ زوجته ولم يلتذ، لأن نفسه كرهتها، أو لغير ذلك، لوجب المهر بالاتفاق، فيثبت أن المراد ما قلناه.
وأما إباحته تعالى بالآية نكاح الدوام، فغير مناف لما ذكرناه، من إباحة نكاح المتعة، لأنه سبحانه عم الأمرين معا بقوله: * (وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين) *، ثم نص سبحانه نكاح المتعة بقوله: * (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة) *.
ويؤيد ذلك ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام وعبد الله بن عباس وابن مسعود ومجاهد (1) وعطاء (2) من أنهم كانوا يقرأون: " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى " (3) وقوله تعالى: * (ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) * (4)، والمراد بذلك على ما اتفق عليه أصحابنا. ورووه عن آل الرسول عليه وعليهم السلام الزيادة من الزوج في الأجر، ومن الزوجة في الأجل.
وتعلق المخالف (5) بقوله تعالى: * (والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) * (6)، وادعاؤهم أن المتمتع بها ليست زوجة، لأنها لا ترث ولا تورث ولا تبين بالطلاق، ولا يلحقها حكم الإيلاء والظهار، ولا يصح بينها وبين زوجها