وإذا صح العقد استحقت الأجرة عاجلا، إلا أن يشرط التأجيل، بدليل الإجماع المشار إليه، وأيضا قوله تعالى: * (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) * (1)، لأن المراد فإن بذلن لكم الرضاع، بدليل قوله في آخر الآية: * (وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى) *، والتعاسر أن لا ترضى بأجرة مثلها.
ويملك المؤجر الأجرة والمستأجر المنفعة بنفس العقد، حتى لو استأجر دابة ليركبها إلى مكان بعينه، فسلمها إليه، فأمسكها مدة يمكنه المسير فيها، فلم يفعل، استقرت الأجرة عليه، بدليل الإجماع الماضي ذكره، ولأنه عقد له على منفعة، ومكنه منها، فلم يستوفها، وضيع حقه، وذلك يسقط حق المؤجر.
وإذا قال: آجرتك هذه الدار كل شهر بكذا، صح العقد وإن لم يعين آخر المدة، لأن الأصل الجواز، والمنع يحتاج إلى دليل، ويستحق الأجرة للزمان المذكور بالدخول فيه، ويجوز الفسخ بخروجه، ما لم يدخل في الثاني، ومن أصحابنا من قال: لا يجوز أن يؤجر مدة قبل دخول ابتدائها، لافتقار صحة الإجارة إلى التسليم (2)، ومنهم من أختار القول بجواز ذلك (3) وهو أولى لقوله: * (أوفوا بالعقود) * (4)، وقوله عليه السلام: " المؤمنون عند شروطهم " (5) وأما التسليم فهو مقدور عليه حين استحقاق المستأجر له، وتعذره قبل ذلك لا ينافي عقد الإجارة.
ولا يجوز أن يؤجر بأكثر مما استأجره من جنسه - سواء كان المستأجر هو