ويدل على فساد هذه الشركة أيضا أنه عليه السلام قد نهى عن الغرر (1) وهو حاصل فيها، لأن كل واحد من الشريكين لا يعلم أيكسب الآخر شيئا أم لا، ولا يعلم مقدار ما يكسبه، ويدخل فيه شركة المفاوضة على أن يشاركه فيما يلزمه بعدوان وغضب وضمان، وذلك غرر عظيم.
وإذا انعقدت الشركة اقتضت أن يكون لكل واحد من الشريكين من الربح بمقدار رأس ماله، وعليه من الوضيعة بحسب ذلك، فإن اشترطا تفاضلا في الربح، أو الوضيعة مع التساوي في رأس المال، أو تساويا في كل ذلك مع التفاضل في رأس المال، لم يلزم الشرط، بدليل الإجماع المشار إليه، وكذا إن جعل أحد الشريكين للآخر فضلا في الربح بإزاء عمله لم يلزم ذلك، وكان للعامل أجر مثله، ومن الربح بحسب رأس ماله، ويصح كل من ذلك بالتراضي، ويحل تناول الزيادة بالإباحة دون عقد الشركة، ويجوز الرجوع بها لمبيحها مع بقاء عينها، بدليل الإجماع المشار إليه، ولأن الأصل جواز ذلك، والمنع يفتقر إلى دليل.
فإن قال المخالف: اشتراط الفضل في الوضيعة بمنزلة أن يقول: ما ضاع من مالك فهو علي، وهذا فاسد، قيل له: ما أنكرت أن يكون بمنزلة أن يقول: ما ضاع فهو من مالي ومالك إلا أني قد رضيت أن يكون من مالي خاصة، وتبرعت لك بذلك؟ - وهذا لا مانع منه، ويلزم أبا حنيفة على ذلك أن لا يجيز اشتراط التفاضل في الربح، لأنه بمنزلة أن يقول: ما أستفيده في مالي فهو لك.
والتصرف في مال الشركة على حسب الشرط; إن شرطا أن يكون لهما معا على الاجتماع، لم يجز لأحدهما أن ينفرد به، وإن شرطا أن يكون تصرفهما على الاجتماع والانفراد، فهو كذلك، وإن اشترطا التصرف لأحدهما، لم يجز للآخر إلا بإذنه، وكذا