ومن الشروط ما هو فاسد بلا خلاف غير مفسد للعقد، وفي ذلك خلاف; نحو أن يشترط ما يخالف مقتضى العقد مثل أن لا يقبض المبيع أو لا ينتفع به، أو يشترط ما يخالف السنة نحو أن يشترط بائع العبد أن يكون ولاؤه له إذا أعتق، ويدل على صحة العقد ما قدمناه من الإجماع، وظاهر القرآن، ودلالة الأصل.
ونحتج على المخالف بما رووه من خبر بريرة (1) وأن مولاتها شرطت على عائشة حين اشترتها أن يكون ولاؤها لها إذا أعتقها، فأجاز النبي صلى الله عليه وآله وسلم البيع وقال:
الولاء لمن أعتق (2)، فأفسد الشرط.
واعلم أنه قد نهي صلى الله عليه وآله وسلم عن سوم المرء على سوم أخيه، وهو أن يزيد على المشتري قبل العقد وبعد استقرار الثمن والأنعام له بالبيع، ونهى عن البيع على بيعه، وهو أن يعرض على المشتري مثل ما اشتراه بعد العقد وقبل لزومه، ونهى عن النجش في البيع، وهو أن يزيد في الثمن من لا رغبة له في الشراء، ليخدع المشتري، ونهى أن يبيع حاضر لباد، وهو أن يصير سمسارا له، ويتربص بما معه حتى يغالي في ثمنه، فلا يتركه يبيع بنفسه حتى يكون للناس منه رزق وربح، ونهى عن تلقي الركبان للشراء منهم وقال عليه السلام: فإن تلقى متلق فصاحب السلعة بالخيار إذا ورد السوق (3)، إلا أن ذلك عندنا محدود بأربعة فراسخ فما دونها; فإن زاد على ذلك كان جلبا ولم يكن تلقيا، وكل هذه المناهي لا تدل على فساد عقد