ليث تردى زبية فاصطيدا...
ولا شبهة في أن العرب كانت تصطاد السباع وتأكلها، وتسميها صيدا، و تقول: سيد الصيد الأسد، وورود الحظر لا يوجب سلب الاسم.
ومن قتل ما لا مثل له من الصيد كالعصفور أو ما أشبهه، فعليه قيمته، أو عدلها صياما، وحكم المشارك في قتل الصيد حكم المنفرد، بدليل الإجماع الماضي ذكره وطريقة الاحتياط، وأيضا قوله تعالى: * (ومن قتله منكم متعمدا) * (1)، إذ المشارك قاتل، ويجري ذلك مجرى قوله سبحانه: * (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة) * (2)، ولا خلاف أن الجماعة إذا اشتركت في القتل، كان على كل واحد منهم كفارة.
وحكم من دل على صيد فقتل حكم القاتل، لمثل ما قدمناه من الإجماع و طريقة الاحتياط، لأنه لا خلاف أنه منهي عن الدلالة، ولا يقين ببراءة ذمته إذا دل على صيد فقتل إلا بالكفارة.
ويحتج على المخالف بما روي من طرقهم عن علي عليه السلام وابن عباس أنهما جعلا على محرم - أشار إلى حلال ببيض نعام - الجزاء (3) وعن عمر وعبد الرحمان بن عوف (4) أنهما جعلا على محرم - أشار إلى ظبي فقتله صاحبه - دم شاة ولا مخالف لهم، وهذا دليل الإجماع على أصل المخالف.
وأما الضرب الثاني الذي لا يلزم الكفارة فيه إلا مع العمد، فما عدا الصيد مما نذكره الآن، وقلنا بسقوطها مع النسيان، للإجماع الماضي ذكره، ويحتج على المخالف بما روي من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا