من جذورها وإخماد جذوتها وإسكات أصحابها وحملهم على أشواك طرق غير مأمونة لكثرة التعرج وجهالة المسار واحتمالية النتائج، فهم لا يلوون على شئ ولا يألون جهدا، فتارة بالدعاية والإشاعات وأخرى بالتهويل والتخويف، لا يرقبون في مسار آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا ولا ذمة إلى درجة أن بعضهم شتم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وبعضهم تبرأ من الحسين (عليهما السلام).
أقول: على أعقاب ذلك كله فجأة وإذ بالناس يقدسون تيسا يقطن في بلدة أبي كمال الواقعة آخر المنطقة الشرقية السورية مما يلي العراق فذاع صيت ذلك التيس وعلا ذكره وتمكنت قدسيته من قلوب الناس بسبب خاصية التخنيث فهو يملك أنثيي ذكر وضرعي أنثى فلذلك اشتهر أن لبنه شفاء من كل داء عضال، فطفق الناس يزورونه من كل حدب وصوب طلبا للعافية والشفاء العاجل وأن قطرة من لبنه علاج للعقم عند الرجال والنساء، ويشفي مرض السل والسرطان وغيرهما فهو لا يوفر وكأن اختصاصه جميع الأمراض وذلك لا يحصل إلا من مخنث خرجته كلية التيوس ومنحته شهادة التخريف واستأجرت له بيتا في أذهان الأغبياء واختصته بزرع التخلف في كل دماغ يصلح لتقبل وباء ذلك الزرع المشؤوم.
وعادة أن أصحاب الكراجات يتنادون باسم البلد الذي يؤمه المسافرون فلم تمض إلا مدة لا تطول وإذا بأصحاب الكراجات وبأمكنة خاصة يتنادون مصبحين حتى المساء (عالتيس عالتيس عالتيس) فيقلون جمهرة الناس من محليين ووافدين من شتى أنحاء الخليج والجزيرة العربية وغيرها متجهين إلى بلدة أبي كمال ليحظوا ببركة تيس مخنث كما هو شأن بعض الخناثى من بني البشر