وخطابات التغليب وأنواعه، ثم يأخذ صورة لهذا الدستور الأعظم فيحتفظ بها في خزانة أزكى وأطهر من صفحة الذهن بعيدة عن التصحيف والتحريف في عملية اقتناص المعاني وكأنها صورة طبق الأصل عنه وهو في غيب السماء، ثم يفتح نافذة في برزخ الخزانتين يشبه الصراط المستقيم، وثمة يتنازعه حكمان فإما أن يحكم للصحابة على القرآن الحكيم وإما أن يحكم له عليهم.
فإن كان ابن حزم يريد أن يحكم لهم عليه - وقد فعل ذلك - فمن الطبيعي ان يحكم بما يوافق مذهبه ورأيه وهواه وخصوصا والقرآن حمال أوجه غير أنه لا يتم له ذلك إلا إذا تفادى اعتبارات الماهية الثلاث والتي قسمها وتحدث عنها علماء الأصول - " الماهية بشرط شئ - الماهية بشرط لا - الماهية لا بشرط " هنالك يأن له أن يطلق أحكاما غير مسؤولة يعني أنه يعتبر ذوات الصحابة مهملة بقطع النظر عن الإيمان بالله والعمل الصالح عدا اعتبار واحد هو أنهم صحابة.
على أننا لولا مخافة الله لصنعنا كصنيع ابن حزم، هذا فما قوله إلا كقول القائل: الصحابة كلهم من أهل النار قطعا قال الله تعالى: * (أ لم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم) * (1) وقال تعالى: * (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله) * (2) وقد فسرت الأحاديث ان ويل واد في جهنم، فثبت أن الجميع من أهل النار وأنه لا يدخل الجنة أحد منهم لأنهم المخاطبون في الآية السابقة وفيما يلي نقض سفسطة ابن حزم بسفسطة مثلها:
" قول ابن حزم ": الصحابة كلهم من أهل الجنة قطعا ".