والكمالات الظاهرة، وأنه لا التفات للعاقل إلى احتمال كون غيره ممن لم يظهر منه شئ من هذه الفضايل ربما كان أفضل عند الله وفي نفس الأمر، بل لو اعتبر مثل هذا الخيال الفاسد لتعذر الأمر على الناس في تعيين الرئيس والإمام، لاحتمال أن يكون كل حائك وحجام وسوقي ومجهول نشاء في شاهق جبل أو بر وبحر، أفضل من إشراف قوم مشهورين بالفضل والكرامة، فينسد باب تعيين المتصف بالإمامة وليقل أولياء الآمدي الذين يفرون كفراره من محال إلى محال، ويطيرون من غصن إلى غصن، أن اختيار من اختار أبا بكر للإمامة، هل وقع بشئ ممتاز عموا فيه من الفضائل الظاهرة التي نسبوها إليه في الأحاديث الموضوعة في شانه، أو لاطلاعهم على ما كان فيه من الفضائل الباطنية التي لم يظهر على أحد، أو وقع في ذلك بمجرد البخت ولاتفاق ومحض الشهوة والارتفاق من غير ملاحظة اتصافه بشئ من الفضائل الظاهرية والباطنية، بل كان عبد أبي بكر مساويا معه في نظرهم في استحقاق الخلافة فالثالث إزراء بجلالة قدر أبي بكر عندهم والثاني ملحق بالمحال، فتعين الأول وهو اعتبار العاقل في ذلك كثرة الفضائل ولم تتحقق الكثرة إلا في علي (ع) كما علم وسيعلم بعون الله الملك العلام.
وأما ما ذكره شارح العقايد فأكثر مقدماته مشترك مع ما نقلناه عن صاحب المواقف وأبطلناه إلا ما ذكره من المحاكمة المدلول عليها بقوله: والانصاف إنه إن أريد:
وهذا مردود بأن الثواب الذي كانوا بسبب تحصيلهم له أفضل إن كان في مقابلة الطاعة كما نطق به الكتاب والسنة وبيناه سابقا فلا شك إن من طاعته أكثر فثوابه أكثر فحينئذ من تأمل في أحوال الصحابة علم بديهة إن طاعة علي (ع) كان أكثر بمراتب لأنه عبد الله تعالى مدة عمره ولم يقع منه عصيان قط، وإن غيره إنما عبد الله تعالى بعد مضي أكثر عمره وزمانه في كفره وعصيانه كما قال أبو سعيد النيلي ره (1)