وأما الثالث والعشرون فلأن قوله: ما ذكرناه تمسك بظاهر القرآن وما ذكروه تمسك بالخبر المنقول بالآحاد فغير مسلم لأن الشيعة أيضا تمسكوا بظاهر القرآن، لكنهم جعلوا التمسك بالخبر أصلا ودليلا والظاهر مؤيدا له ودعوى الظهور فيما ذهبوا إليه أظهر كما أوضحناه، بل نقول: ليس ظهور الآية في دلالتها على القوم المعين بوجه يصلح للاحتجاج به لأن ما يمكن أن يتوهم منه ظهور ذلك لا يخلو إما أن يكون قوله تعالى: ومن يرتد فلا دلالة له على ذلك قطعا، لما ذكره هذا الرجل سابقا: من أن كلمة (من) في معرض الشرط للعموم، فهي تدل على أن كل من صار مرتدا عن الاسلام، فإن الله يأتي بقوم يقهرهم الخ فلا دلالة له على خصوص من قاتلهم أبو بكر، إذ لا دلالة للعام على الخاص فضلا عن ظهور دلالته على شئ وإما أن يكون لفظ قوم في قوله تعالى يأتي الله بقوم، ولا ريب في أن مفهوم القوم أمر كلي يتساوى صدقه على أفراده كالانسان بالنسبة إلى أفراده، فدعوى أنه ظاهر في الدلالة على أبي بكر ومن وافقه في قتال أهل الردة تحكم لا يخفى، وأما الأوصاف فقد عرفت أن دعوى ظهور انطباقها على حال أبي بكر خارج عن الانصاف ولو فتح أبواب التفسير بمثل هذا الظهور لأمكن دعوى ظهور دلالة قوله تعالى: يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم على إرادة إضاعة رجل اسمه نور الله، (1) وكان له أعداء وحساد وكذا جاز دعوى
____________________
(1) لا يخفى ما فيه من لطف التلويح إلى اسم مولينا العلامة القاضي الشهيد مؤلف هذا الكتاب الشريف وكان قدس سره محسودا لعلماء الدولة التيمورية الأكبرية والجهان گيرية وقضاتها سيما الأحناف منهم.