أن المراد منه الكون مع مجموع الأمة وذلك يدل على أن قول مجموع الأمة صواب وحق ولا نعني بقولنا الاجماع
حجة إلا ذلك (إنتهى كلامه) وأقول: فيه نظر، إذ لا دلالة للفظ الآية على
وجوب تعدد الصادقين في كل وقت وزمان كما يشعر به كلامه، بل هو أعم من ذلك ومن
وجوب وجود المتعدد من الصادقين موزعا آحادها على أجزاء الوقت والزمان بأن يوجد في كل زمان صادق معصوم يكون إمام أهل زمانه كما قال به الشيعة فلا تدل الآية على
وجوب وجود جماعة يتحقق لهم الاجماع في كل وقت لأن العام لا دلالة له على الخاص وأيضا مجموع المجتمعين (المجمعين خ ل) في مقام الاجماع صادق واحد، لا متعدد لما صرحوا بأن كلا من آحاد المجمعين جايز الخطاء وإنما المعصوم هو المجموع من حيث المجموع فتوصيف ذلك المجموع المأخوذ على وجه الوحدة بكونهم صادقين غير متجه وإنما يتجه لو كان كل واحد من آحاده متصفا بالصدق أيضا ألا ترى؟ أن مجموع الجدران والسقف والعرصة يتصف بكونه بيتا وحجة وخزانة ونحو ذلك ولا يتصف كل واحد من أجزائه بذلك فلا يصح أن يكون المراد بالصادقين مجموع من حصل بهم الاجماع الشرعي فثبت أن المراد بالصادقين المعصومين الذين لا يخلو زمان التكليف عن واحد منهم، كما ذهب إليه الشيعة الإمامية لا الاجماع الذي قاله أهل السنة وأما ما ذكره: من إنا لا نعلم انسانا معينا موصوفا بوصف العصمة فجوابه ما أفاده أفضل (1) المحققين قدس سره في التجريد بقوله: والعصمة تقتضي النص وسيرته (ص) التنصيص والحاصل أن العصمة وإن كان من الأمور الخفية التي لا يعلمها إلا علم
السرائر، لكن يمكن العلم به بالنص
____________________
(1) المراد به المحقق الطوسي الخواجة نصير الدين قدس سره صرح بهذه الجملة في التجريد (في أوائل مبحث الإمامة) فليراجع وقد مرت ترجمة هذا الحبر الجليل والعلامة المتأله النبيل في ج 2 ص 9.