نقل ما ذكره الرازي في تفسير هذا المقام، مع إيراد ما سنح لنا عليه من الرد والالزام فنقول: قال: إن الآية دلت على إمامة الأئمة الأربعة (1) وذلك، لأنه تعالى وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الحاضرين في زمان
محمد (صلى الله عليه وآله): وهو المراد بقوله: ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم، وأن يمكن لهم دينهم المرضي وأن يبدلهم بعد
الخوف أمنا ومعلوم أن المراد بهذا الوعد بعد
الرسول صلى الله عليه وآله هؤلاء لأن استخلاف غيره لا يكون إلا بعده، ومعلوم أنه لا نبي بعده لأنه خاتم الأنبياء، فإذا المراد بهذا الاستخلاف طريقة الإمامة، ومعلوم أن الاستخلاف الذي هذا وصفه، إنما كان في أيام أبي بكر وعمر وعثمان، لأن في أيامهم كانت
الفتوح العظيمة، وحصل التمكين وظهور الدين وإلا من، ولم يحصل ذلك في أيام
علي رضي الله عنه لأنه لم يتفرغ لجهاد الكفار لاشتغاله بمحاربة من خالفه من أهل
الصلاة فثبت بهذا دلالة الآية على صحة خلفاء هؤلاء فإن قيل الآية متروكة الظاهر، لأنها تقتضي حصول الخلاف لكل من آمن وعمل صالحا، ولم يكن الأمر كذلك، نزلنا عنه، لكن لم لا
يجوز أن يكون المراد من قوله: ليستخلفنهم، هو أنه تعالى يسكنهم في الأرض ويمكنهم من التصرف لا أن المراد منه تعالى خلافة الله ومما يدل عليه قوله: كما استخلف الذين قبلهم واستخلاف من كان قبلهم لم يكن بطريق الإمامة فوجب أن يكون الأمر في حقهم أيضا كذلك، نزلنا عنه لكن هيهنا ما يدل على أنه لا
يجوز حمله على خلافة رسوله الله لأن من مذهبكم أنه عليه السلام لم يستخلف أحدا، وروي (2) عن
علي عليه السلام: أنه قال: أترككم كما ترككم
رسول الله صلى الله عليه وآله ____________________
(1) المراد منهم الخلفاء كما هو واضح.
(2) لا يذهب على الخبير النقاد والبصير النقاب أن هذه مما اختلقته الوضاعون الجناة والكذابون العصاة لتصحيح ما بدرت من أسلافهم من الغيلة والغصب والتقمص بغير حق كما هو غير خفي على من ترك التعصب ودقق النظر.