____________________
(المرتبة السادسة) بذل النفس وإفنائها في طريق الغاية وهي أعظم ما يبذله الانسان في طريق الوصول إلى مقصده بل لا يبقى هناك باذل يبذل لكون المبذول هو نفس الباذل وعينه إذا عرفت مراتب الغايات ومراتب ما يبذله الانسان في طريق الوصول إليها من شؤونه تقف على ما يحصل هناك من المراتب بحسب تلفيق كل مرتبة من مراتب الغايات مع كل مرتبة من مراتب ما يبذله الانسان في طريق وصولها، وأعلى جميع تلك المراتب المتكثرة الذي لا يتصور فوقه مرتبة هو ملفقة المرتبة العليا من كلا الطرفين أعني بذل النفس لمجرد تحصيل مرضاة الله وهي مرتبة شامخة لا يرقى إليها الطير وينحدر عنها السيل ينبئ عنها كلام الباري سبحانه ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله في حق إمام المسلمين وسيد العابدين وقدوة الموحدين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وقد أعرض عن الدنيا وأعراضها الدنية حتى أنه عليه السلام كما في الاستيعاب (ج 2 ص 465) كان يقول على المنبر من يشتري مني سيفي هذا فلو كان عندي ثمن إزار ما بعته فقام إليه رجل فقال نسلفك ثمن إزار قال عبد الرزاق وكانت بيده الدنيا كلها إلا ما كان من الشام، وكان تورعه عن أهواء الملك بحيث قال لابن عباس حين خضعت له الرقاب وذلت له إمارة المسلمين وقد أشار إلى نعله حين يصلحه بيده: ما تعدل إمارتكم عندي نعلي هذه (إنتهى)، وقد جاهد في الله لله ولم يجعل لشئ من الأغراض إلى نياته سبيلا وكان الله نصب عينيه في جميع أحواله وقد روي أنه لما جلس على صدر عمرو بن عبد ود يوم الخندق ليقتله ألقى عمرو البصاق على وجهه الشريف قام عن صدره وتنحى عنه ثم عاد إلى أن يقتله فسئله عمرو عن ذلك قال (ع) لقد هاج في نفسي شئ فخفت أن يختلط ما أردت من مرضاة الله بشئ من هويها.
هذا ما جرى به القلم حال التحرير، وللكلام في هذا المضمار شؤون وما أوردناه نبذ يسير من ذلك، ونعتذر من القراء الكرام حيث خرجنا عن وضع التعليقة والعذر لديهم مقبول.
(1) هو أبو يحيى النمري سبته الروم فابتاعته (كلب) فقدمت به مكة فابتاعته ابن جدعان
هذا ما جرى به القلم حال التحرير، وللكلام في هذا المضمار شؤون وما أوردناه نبذ يسير من ذلك، ونعتذر من القراء الكرام حيث خرجنا عن وضع التعليقة والعذر لديهم مقبول.
(1) هو أبو يحيى النمري سبته الروم فابتاعته (كلب) فقدمت به مكة فابتاعته ابن جدعان