وأما ما ذكره من منازعة أبي بكر للكفار فهو مجرد عبارة لأن المنازعة إنما تطلع فيما أمكن لكل من الطرفين مقاومة، وكان أمر أبي بكر (2) قبل الهجرة أن يربط الكفار بحبل، ويضرب أو يصفع وينتف لحيته كما سيجئ نقلا عن أوليائه، وبعد الهجرة نجا من ذلك، لكن لم يبارز أحدا قط في شئ من غزوات النبي (ص)، بل مداره الفرار عن الزحف، فأين ما نسب إليه من منازعة الكفار وإعلاء الدين؟
وأما ما ذكره: من أنه لا مطمع في الجزم بالأفضلية بمعنى كثرة الثواب، فغير مسلم لما عرفت، وعلى تقدير التسليم غير مفيد في مقصوده إذ كيف يتصور من العاقل أن يذهب إلى عدم أولوية إمامة من يكون متصفا بهذه الصفات الكاملة بمجرد احتمال أن يكون غيره أفضل في الواقع، إذ من الظاهر أن العاقل يقول: إن الآن في نظرنا هذا الشخص أفضل وأحق وأولى بالإمامة، إلى أن يثبت في غيره، ضرورة أنه لا معنى لأن يقال: إن أخذ العلم مثلا ممن لا يكون علمه معلوما أولى وأحسن ممن يكون ذلك معلوما منه، وهذا ظاهر جدا عند العقل، وقد ورد في النقل من القرآن والحديث أيضا كقوله تعالى: أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون (3)، يعني هل الذي يكون صاحب هداية
____________________
وإليه ينتهي نسب شيخنا العلامة بهاء الدين العاملي الشهير وغيره من النوابغ في العلوم.
(1) كما في كتاب البداية والنهاية لابن كثير (ج 5 ص 105 ط مصر) وتاريخ الطبري (ج 2 ص 390 ط مصر) وذخائر العقبي لمحب الدين الطبري (ص 109 ط مصر) والكامل لابن الأثير (ج 2 ص 205 ط مصر) (2) وسنذكر هناك مستند ما يذكره مولانا القاضي في هذا الشأن.
(3) يونس. الآية 35.
(1) كما في كتاب البداية والنهاية لابن كثير (ج 5 ص 105 ط مصر) وتاريخ الطبري (ج 2 ص 390 ط مصر) وذخائر العقبي لمحب الدين الطبري (ص 109 ط مصر) والكامل لابن الأثير (ج 2 ص 205 ط مصر) (2) وسنذكر هناك مستند ما يذكره مولانا القاضي في هذا الشأن.
(3) يونس. الآية 35.