والتعصب وإن تعسف آخرا في إصلاح ما فسده الدهر (1) بحمل تقدم الثلاثة في الخلافة إلى نحو من الزلات (2) الواقعة عن
الأنبياء عليهم السلام فلا يوجب قدحا فيهم وفي خلافتهم، وقال الشيخ
جلال الدين السيوطي الشافعي في كتاب الاتقان (3) وهو أيضا من أكابر المتأخرين: أخرج أبو عبيدة عن
محمد بن كعب، قال: نزلت
سورة المائدة في
حجة الوداع فيما بين
مكة والمدينة ومنها: اليوم أكملت لكم دينكم وفي الصحيح عن عمر أنها نزلت عشية
وعرفة يوم الجمعة عام
حجة الوداع، لكن أخرج ابن مردويه عن
أبي سعيد الخدري: أنها نزلت يوم
غدير خم وأخرج مثله من حديث
أبي هريرة (إنتهى) والعاقل الفطن يحكم من هيهنا على أن ما في الصحيح سقيم موضوعا عنادا مع
علي (ع) وبالجملة تكفينا في ترجيح ما نرويه في فضائل
علي (ع) موفقة بعض ثقات الخصام، لأنه المتفق عليه بين أهل الاسلام كما مر مرارا وأما ما ذكره قبل هذا، فقد
عرفت قبل هذا ما فيه من التحريف والتمويه فتذكر ثم
الوصية لعلي (ع) وتعريفه بين العرب، تقضي أن يكون تلك
الوصية لأن يتخذه العرب قاطبة العرب من قريش وغيرهم سيدا لهم لا
بنو هاشم فقط كما ذكره الناصب وهذا ظاهر جدا لكن الناصب لأجل الاحتراز عن الاعتراف بلزوم كونه (ع) سيدا لأبي بكر وعمر وعثمان الذين هم من عرب قريش خص سيادته تحكما
ببني هاشم، فتأمل، فإنه صريح في عداوته
لعلي (ع).
____________________
(1) إشارة إلى المثل المشهور (وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر) في أبيات شهيرة منها عجوز تمنت أن تكون فتية * وقد يبس الجنبان واحدودب الظهر فجاءت إلى العطار تبغي شبابها * وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر (2) أي التي أسندوها إلى الأنبياء وكانوا برآء عنها.
(3) ذكره في (ج 1 ص 19) فراجع