إن الخلافة (1) بالنص دون الاختيار وبالاختيار دون النص، والذين قالوا إن الخليفة لا تكون إلا بالنص من الله تعالى ورسوله قالوا إن الخليفة هو علي وأولاده عليهم آلاف التحية
والثناء، والذين قالوا بالاختيار قالوا: بصحة خلافة الصحابة فالقول بالنص مجملا ومعينا في حق غير
علي عليه السلام يكون قولا ثالثا خارقا للاجماع واختراعا من الرازي هربا عن الالزام، مع أن هذا التأويل مما يأبى عنه ظاهر ما رواه المصنف في أول مطاعن أبي بكر عن عمر: من أنه قال: إن لم استخلف فإن
رسول الله صلى الله عليه وآله لم يستخلف، وإن استخلف فإن أبا بكر استخلف، ووجه الإباء أن النفي والاثبات في كلامه يقتضيان ورودهما على موضع واحد كما لا يخفى، وأيضا قال الله تعالى: كما استخلف الذين من قبلهم، ومن المعلوم أن الذين استخلف من قبل كآدم وداود وهارون عليه نبينا وآله وعليهم السلام، إنما كان خلافتهم عن النص والتعيين من الله تعالى، لا على طريق الاختيار من الأمة سيما اختيار جماعة منهم لواحد على التعيين تارة
واختيار واحد منهم لواحد غير معين من ستة نفر على طريقة الشورى أخرى، وأيضا لما كان آراء الناس مختلفة، فالغالب
____________________
(1) لا يخفى على من راجع كتب القوم هذا المضمار أن القول في الخلافة اثنان ولا ثالث لهما الأول ما ذهب إليه الشيعة من أن الإمام لطف ولا بد فيه من العصمة والعلم بمصالح الأمة وغيرهما من الشرائط فيجب نصبه على الله تعالى تحصيلا للغرض ولأن العصمة من الأمور الخفية التي لا يعلمها إلا عالم السرائر، فيجب أن يكون منصوصا من عنده أو من رسوله والثاني ما عليه العامة من أنه واجب علينا ويكون باختيار الأمة، فالذين قالوا إنه لا بد وأن يكون فيه من النص قالوا: إن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله هو علي وأولاده [المعصومين عليهم السلام لأن النص ثابت فيهم والذين ذهبوا إلى لزوم اختبار الأمة رجلا فهم قائلون بخلافة من عينه النفر المجتمعون في سقيفة بني ساعدة.