عليه وآله) " ضرورة أن هذا محل امتثال أمرهم (عليهم السلام) بطرح الأخبار الشاذة المخالفة للمعلوم من السنة وللمشهور بين شيعتهم وخاصتهم، والموافقة لما في أيدي المخالفين الذين جعل الله الرشد في خلافهم، إذ المحكي عن الشافعي في القديم وأبي حنيفة وابن أبي ليلي وداود الوضوء ثم البناء في صورة السبق، بل المحكي عن الشافعي منهم أن له إخراج الحدث بعد ذلك اختيارا ثم الوضوء والبناء، لأنه حدث طرأ على حدث، ولأنه حدث واحد، ولنحو ذلك من الأمور التي سببها القياس والاستحسان وبعض الأحاديث المفتراة، وقد لوح الخبران المزبوران إلى إرادة التقية في ذلك بذكر القياس فيهما مع أن المقيس عليه عندنا باطل كما تسمعه في محله، وبذكر سهو النبي (صلى الله عليه وآله) وبالأمر بالانصراف بنفس وجود الغمز ونحوها مما هو ليس حدثا عندنا فلا يوجب وضوءا، واحتمال إرادة قضاء الحاجة من الانصراف فيه لشيوعه في ذلك ولشهادة الخبر الثاني مستلزم لجواز فعل الحدث عمدا الذي هو باطل بالضرورة عندنا، اللهم إلا أن يحمل على ما سمعته من الشافعي من جواز العمد للحدث بعد فرض السبق منه بناء على إرادة الكناية من قوله فيه: أذى وضربانا وغمزا عن مفاجأة الحدث لذلك، فأمر حينئذ بالانصراف وإتمام بقية الحدث ثم الوضوء والبناء نحو ما سمعته من الشافعي، على أن في إطلاقهما نفي البأس عن الالتفات عن القبلة المخالف للنصوص المفتى بها حتى ممن نسب إليه الخلاف هنا كما قيل شذوذا آخر، كحصرهما النقض بالكلام، والأمر أو الرخصة بالرجوع إلى مصلاه الذي قد يستلزم فعلا كثيرا ومحوا للصورة والتفاتا عن القبلة وغير ذلك، مع أن الضرورة تقدر بقدرها، وكأنه لذلك فرقت بين التكلم والانحراف عن القبلة، لأن التطهير والبناء يستلزمه غالبا دون الكلام، إلى غير ذلك مما لا يليق بعده لمن له أدنى بصيرة في الفقه الركون إليهما، خصوصا وفي سند أحدهما محمد ابن سنان وموسى بن عمران، وقد ضعف الأول الأكثر، والثاني مجهول، كما أنه
(٧)