وبين العدد المعتبر وغيرهم، بل ظاهره البطلان بدونه، لأنه الأصل في كل ما أمر به في العبادة المركبة، مع أنك ستعرف الحال في جميع ذلك، مضافا إلى ما سمعته سابقا في بيان المراد من كونهما صلاة، وخبر الدعائم لا جابر له، ومحتمل للندب، والأمر بالصمت والنهي عن الكلام أعم من الاصغاء قطعا، ودعوى التلازم بينهما حتى أن كل من قال بالحرمة قال بالوجوب ومن قال بالندب قال بالكراهة في حيز المنع.
فبان لك من ذلك كله وجها التردد ومنشأ القولين، إذ الأول خيرة الأكثر على ما قيل، بل في الذكرى أنه المشهور، واختاره بنو حمزة وإدريس وسعيد والراوندي في موضع من فقه القرآن، والكيدري في ظاهر الاصباح، والفاضل في جملة من كتبه كأول الشهيدين، وإن فهد والمقداد والكركي والميسي والأستاذ الأكبر في الشرح على ما نقل عن بعضهم، وفي المنظومة أنه الحزم، بل حكي عن البزنطي والمفيد والمرتضى وإن كنا لم نتحققه، والثاني خيرة المبسوط والتبيان وموضع من فقه القرآن والنافع والمعتبر والمنتهى والتبصرة ومجمع البرهان وظاهر الغنية وكشف الالتباس والذخيرة على ما حكي عن بعضها، ولا ريب أن الأول أحوط إن لم يكن أقوى، خصوصا في الوعظ إلا أن الظاهر كون وجوبه مقدمة للسماع لا تعبدا لنفسه، فلو فرض حصوله له بلا إصغاء لم يكن عليه إثم.
كما أن الظاهر وجوب ذلك للواجب من الخطبة خاصة للأصل، وعدم زيادة السماع على القول وإن كان لا مانع منه، إلا أنه لا مقتضي له إلا ظواهر من النصوص والفتاوى لا وثوق بإرادة الوجوب منها، ولا جابر لها بالنسبة إلى ذلك سندا ودلالة، فما في مصابيح الظلام - من أن الظاهر وجوب الاصغاء وحرمة الكلام من أول الخطبة إلى آخرها لا في أقل الواجب من الخطبة خاصة كما هو ظاهر الروايات - لا يخلو من نظر وإن قيل: إنه مع ذلك ظاهر الأصحاب، وبه صرح في المبسوط فقال: وموضع