وفيه أن ما دل على وجوب السعي عام ومقدم على إنشاء السفر، فيستصحب حتى يثبت خلافه، وهو السقوط، ولم يعلم، إذ على تقدير تسليم عموم يشمل الفرد النادر يمكن أن يقال إن الخاص مقدم عليه، كما أن تعليق الأمر بالسعي على النداء في الآية لا يراد منه نفي الوجوب عن محل الفرض قطعا.
ومن ذلك كله يظهر لك ما في الذكرى قال: " لو كان بين يدي المسافر جمعة أخرى يعلم إدراكها ففي جواز السفر بعد الزوال و انتفاء كراهته قبله نظر، من إطلاق النهي وأنه مخاطب بهذه الجمعة، ومن حصول الغرض، ويحتمل أن يقال إن كانت الجمعة في محل الترخص لم يجز، لأن فيه إسقاطا لوجوب الجمعة، وحضورها فيما بعد تجديد للوجوب، إلا أن يقال يتعين عليه الحضور وإن كان مسافرا، لأن إباحة سفره مشروطة بفعل الجمعة، ومثله لو كان بعيدا بفرسخين فما دون عن الجمعة فخرج مسافرا في صوب الجمعة فإنه يمكن أن يقال يجب عليه الحضور عينا وإن صار في محل الترخص، لأنه لولاه لحرم عليه السفر، ويلزم من هذين تخصيص قاعدة عدم الوجوب العيني على المسافر، ويحتمل عدم كون هذا القدر محسوبا من المسافة، لوجوب قطعه على كل تقدير إما عينا كما في هذه الصورة، أو تخييرا كما في الصورة الأولى، ويجري مجرى الملك في أثناء المسافة، ويلزم من هذا خروج قطعة من السفر عن اسمه بغير موجب مشهور، وإن كانت قبل محل الترخص كموضع يرى الجدار أو يسمع الأذان إن أمكن هذا الفرض جاز " قلت: إمكانه واضح فيما إذا كان السفر على جهة الجمعة، ولا ينبغي الشك في الجواز في مثله، لعدم صدق السفر ولو شرعا قبل قطعه، نعم يصعب فرضه فيما إذا كان السفر من جمعة إلى أخرى.
وعلى كل حال فلا ريب في الجواز، أما إذا كانت خارجة عنه فالبحث السابق آت في المقام، إذ لا فرق بين كون السفر إلى جهة جمعة أو من جمعة إلى أخرى، إذ