الانصات من وقت أخذ الإمام في الخطبة إلى أن يفرغ من الصلاة، إذ يمكن منع ظهور كلام الأصحاب في ذلك، خصوصا مع قولهم بعدم وجوب إسماع غير الواجب من الخطبة، والشيخ في المبسوط ممن يقول بندب الاصغاء، ولا بأس به حينئذ، وكذا الظاهر اختصاص الوجوب بالقريب السامع، أما البعيد والأصم فإن شاءا سكتا، وإن شاءا قرءا، وإن شاءا ذكرا، نعم عن المنتهى " هل الانصات يعني إنصات البعيد أفضل أم الذكر؟ فيه نظر " بل عن نهاية الإحكام احتمال وجوب الانصات عليهما، لئلا يرتفع اللفظ فيمنع غيرهما السماع، لكنه كما ترى بعد تسليم وجوب ذلك عليهما لذلك خروج عن محل النزاع، فلا ريب في عدم الوجوب المبحوث فيه عليهما، بل في التذكرة " أن الأقرب وجوب الاصغاء على العدد خاصة - ثم قال -: والأقرب حرمة الكلام إن لم يسمع العدد، وإلا فالكراهية " لكن قال أيضا: " التحريم إن قلنا به على السامعين يتعلق بالعدد، وأما الزائد فلا، وللشافعي قولان، والأقرب عموم التحريم إن قلنا به، إذ لو حضر فوق العدد بصفة الكمال لم يمكن القول بانعقادها بعدد معين منهم حتى يحرم الكلام عليهم خاصة " نحو ما عن المختلف وإرشاد الجعفرية ومصابيح الظلام " لا تخصيص لأحد بكونه من الخمسة دون غيره " إلا أنه ناقشه في كشف اللثام بأنه لا ينفي كفائية الوجوب، وهو كذلك لو كان ظاهر الأدلة الوجوب على العدد خاصة، وفي جامع المقاصد " فإن قيل وجوب الاصغاء وتحريم الكلام إما بالنسبة إلى جميع المصلين فلا وجه له، لأن استماع الخطبة يكفي فيه العدد، ولهذا لو انفردوا أجزأوا أو البعض وهو باطل، إذ لا ترجيح، قلنا الوجوب على الجميع لعدم الأولوية، ويكفي العدد في الصحة، فلا محذور " وظاهره اختصاص الشرطي خاصة بالعدد، وتبعه عليه ثاني الشهيدين في المحكي عن روضه ومسالكه، وفيه أولا أن الاجماع في التحرير والمحكي عن النهاية على عدم البطلان بالكلام، بل ظاهر الأول أن الاصغاء كذلك
(٢٩١)