بناء على أن متعلق التثنية في غيرها الفضيلي كما يومي إليه بعض النصوص المتضمنة لمجئ جبرئيل (عليه السلام) بالوقتين كي يصح حينئذ استثناؤها بالخصوص من هذا الحكم لا هو وإلا جزائي كما هو ظاهر الفتاوى، بل هو صريح بعضهم، ومن هنا قال الأستاذ الأكبر بعد نقله الكلام المزبور عن الكليني: قضية قوله هذا أن المغرب بعد سقوط الشفق لا وقت لها أصلا كما سننقله عن الخلاف وغيره، وأما على طريقة الأصحاب فلا يتمشى هذا التوجيه، لأن للمغرب وقتا بعد سقوط الشفق قطعا، سواء قلنا أنه وقت اجزاء أو اضطرار، إلا أن يقال: إن سائر الصلوات لها ثلاث أوقات: وقت الفضيلة ووقت الاجزاء ووقت الاضطرار، بخلاف المغرب، فإن لها وقتين: وقت الفضيلة والاجزاء، وكان وقت الاضطرار ليس بوقت حقيقة، قلت: وهو كما ترى بعيد مخالف لظاهر الأكثر، ولعله لذا حمل بعضهم هذه النصوص على استحباب المبادرة إلى فعلها، وهو غير الأول، لكن فيه أنه لا وجه حينئذ لاستثنائها من بين الفرائض، ضرورة اشتراك الكل في هذا المعنى، اللهم إلا أن يراد أنها أشد من غيرها طلبا بالنسبة إلى ايقاعها في الفضيلي من الوقتين، وأن إرادة المبادرة إليها بالسرعة إلى أدائها آكد من غيرها باعتبار ضيق وقتها الفضيلي وعدم سعته.
وكيف كان فالأمر سهل بعد وضوح الحال لديك، إنما الكلام في تحديد أواخر أوقات الصلوات، إذ قد عرفت مبتدأه فيها جميعها، والتحقيق امتداده للمختار في الظهرين إلى غروب الشمس، بناء على الاشتراك، وإلا فالظهر خاصة إلى ما قبله بأربع ركعات، وفي العشاءين إلى انتصاف الليل كذلك، وفي الصبح إلى طلوع الشمس كما هو المشهور بين الأصحاب نقلا وتحصيلا قديما وحديثا فتوى وعملا من السواد والعلماء، بل استقر المذهب عليه في هذه الأزمنة، بل ستعرف أن الخلاف فيه لفظي وإن توهم أنه معنوي، بل في الغنية وعن السرائر الاجماع عليه، بل عن الناصريات