لكونه معناه أو لعدم انطباق الحكم المزبور في الخبر إلا عليه غير مجدية، وكذا تردده فيها في أول كلامه في التعويل على أذان الثقة الذي يعرف منه الاستظهار، بل لم يستبعده بعد ذلك، كما أنه جزم به في المعتبر، لأن الغرض من شرعيته الاعلام، ولقول الصادق (عليه السلام) في الصحيح (1): (صل الجمعة بأذان هؤلاء، فإنهم أشد شئ مواظبة على الوقت) وخبر محمد بن خالد القسري (2) قال له أيضا: (أخاف أن أصلي الجمعة قبل إن تزول الشمس، فقال: إنما ذلك على المؤذنين) وقول علي (عليه السلام) في خبر الهاشمي (3): (المؤذن مؤتمن) كالنبوي (4) (المؤذنون أمناء) وإيماء النهي (5) عن الاعتماد على أذان ابن أم مكتوم، والأمر به على أذان بلال، وغير ذلك.
لكن الاعتماد عليها - مع ما في سند بعضها، وعدم اشتمال شئ منها على تمام ما ذكراه، بل في بعضها ما يخالفه، ومعارضتها بخبر علي بن جعفر المتقدم وغيره من تلك الأدلة المعتضدة بما سمعت من اتفاق الأصحاب نقلا إن لم يكن تحصيلا، واحتمالها العذر وحصول العلم به، خصوصا إذا كان المراد منه الاطمينان التام المسمى عند أهل العرف بالعلم، ومن الصلاة بسماعه التهيؤ لها بفعل الوضوء ونحوه مما يقطع الانسان بدخول الوقت بعد فعله، ضرورة كون السبق إن كان فهو قليل جدا، ولعل هذا هو المراد بالأعلام المقصود من شرعية الأذان، أو المراد التنبيه لذوي الأعذار أو لمراعاة الوقت لغيرهم - مما لا يليق بالفقيه الماهر.