لما سأله خالد أبو إسماعيل عن الرجل على أبي قبيس يستقبل القبلة، وكذلك الحال في المصلي في سرداب مثلا نازل عن بناء الكعبة، وقد تقدم، ويأتي الإشارة إلى ذلك كله، مع أنه بوضوحه مستغن عن كثرة الكلام، كما أنه تقدم سابقا وجوب العلم بتحقق صدق الاستقبال للمتمكن وإن توقف على صعود إلى سطح أو جبل أو نحوهما من المقدمات التي لا حرج على المكلف في تحصيلها على ما هو مقتضى القواعد المقررة التي شهد لها العقل والنقل، فما في المدارك - من أنه لا يكلف الصعود إلى الجبال ليرى الكعبة للحرج بخلاف الصعود إلى السطح، وأوجب الشيخ والعلامة في بعض كتبهما صعود الجبل مع القدرة، وهو بعيد - فيه ما لا يخفى، اللهم إلا أن يريد بقرينة تعليله ما فيه الحرج، لكن من المستبعد ايجاب الشيخ والفاضل عليه ذلك معه، لعدم الدليل، بل المعلوم من أصول هذه الملة سقوط ما فيه الحرج من سائر أحكامها، وظني أن الخلاف لفظي، ثم قال في المدارك بعد الكلام المزبور: (وإن قلنا بالاكتفاء باستقبال الجهة مطلقا سقط هذا البحث من أصله) وفيه أنك قد عرفت مما تقدم سابقا عدم قائل بذلك، بل لا مجال لاحتماله، إذ وجوب استقبال العين لمن كان مشاهدا لها من الضروريات، ولا يكفيه استقبال جهة العين بمعنى الفضاء المتصل بها يمينا وشمالا، إذ هو ليس استقبالا للكعبة قطعا، بل هو غير مجز للبعيد فضلا عن القريب على ما عرفته مفصلا. وإن أراد بالجهة غير ذلك لم يكن وجه لسقوط هذا البحث من أصله، ومن ذلك يعرف ما في مناقشته للمعتبر في شرح المتن السابق كما تقدم لنا ما يزيده وضوحا وتفصيلا، فلاحظ وتأمل إن شئت.
(وإن صلى في جوفها) مختارا ومضطرا فريضة أو نافلة جاز و (استقبل أي جدرانها شاء) لكن (على كراهية في الفريضة) بلا خلاف أجده فيما عدا الأول، بل الاجماع بقسميه عليه، بل لعله من المسلمين، وهو الحجة بعد المحكي من فعل النبي