إرادة الجانب الذي ينطبق على عين الكعبة، وبالجملة لا يكاد يخفى على من له أدنى تأمل أنه ليس المراد من الآية كون المسجد نفسه قبلة، وإلا لجرى الكلام والبحث في الصلاة في وسطه كالصلاة في جوف الكعبة، ومن المعلوم ضرورة خلافه، كل ذلك مع قطع النظر عن المراد بالآية الثانية (1) وإلا لو قلنا بإرادة ما يشمل القبلة من القيام فيها كانت حينئذ مفسرة لهذه الآية ونصا في المطلوب، وعن اختلاف المسجد زيادة ونقصا بحيث لا يعلم مقداره وقت نزول الآية، وعن الاحتياط المطلوب في مثل الصلاة، وهو منحصر باستقبال الكعبة، بل لعله متعين هنا وإن قلنا بالتمسك بالأصل في نفي ما شك في شرطيته لكن المقام بعد التنزل من إجمال الشرط لا من الشك فيه فالواجب الاقتصار فيه حينئذ على المتيقن، كما هو واضح.
ومنه يعلم عدم جواز استقبال شئ من الحجر وإن قال في الدروس: (المشهور أنه من البيت) وفي المحكي عن التذكرة (عندنا أنه من الكعبة) وعن نهاية الإحكام (يجوز أن يستقبله، لأنه كالكعبة عندنا، وقيل إنه من الكعبة) وفي الذكرى (ظاهر كلام الأصحاب أن الحجر من الكعبة بأسره وقد دل عليه النقل، وأنه كان منها في زمن إبراهيم وإسماعيل على نبينا وآله وعليهما السلام إلى أن بنت قريش الكعبة فأعوزتهم الآلات فاختصروها بحذفه، وكان ذلك في عهد النبي (صلى الله عليه وآله)، ونقل عنه (صلى الله عليه وآله) الاهتمام بادخاله في بناء الكعبة، وبذلك احتج ابن الزبير حيث أدخله فيها، ثم أخرجه الحجاج بعده ورده إلى مكانه، ولأن الطواف يجب خارجه، وللعامة خلاف في كونه من الكعبة بأجمعه أو بعضه أوليس منها، وفي الطواف خارجه، وبعض الأصحاب له فيه كلام أيضا مع اجماعنا على وجوب ادخاله في الطواف، وإنما الفائدة في جواز استقباله في الصلاة بمجرده، فعلى القطع بأنه من الكعبة يصح، وإلا امتنع،