جهة - في غير محلها، وإن كان ربما تخيل أن ذلك ظاهر المقنعة وجمل الشيد والمبسوط والوسيلة والسرائر، لقولهم: فإن لم يقدر على الأربع فليصل إلى أي جهة شاء أو ما يقرب منه، لكن لعل مرادهم عدم القدرة إلا على واحدة من الأربع، فلا خلاف حينئذ، وإن أبيت فهم محجوجون بما عرفت، خصوصا مع استصحاب الوجوب، بل قد تقرر المقدمة فيه أيضا بأنه لما كلف بالصلاة إلى القبلة نهى عن تركه، ولا يتم له اليقين بامتثال النهي إلا بفعل الباقي، كما أنه لا يحصل له اليقين ببراءته من التكليف إلا بفعل الباقي، وإن لم يتيقن حصول نفس المأمور به فيما أتى به، مضافا إلى اطلاق نصوص الجهة الواحدة التي خرجنا عنها لمكان المعارض في صورة الاختيار والتمكن.
ومن ذلك كله يظهر لك أنه لا فرق بين التأخير بتقصير وعدمه، لاشتراكهما في جميع ما ذكرنا، لكن عند المقاصد العلية النظر في اجزاء ذلك في التأخير بتقصير، قال: من أن المجموع قائم مقام صلاة واحدة فلا يتحقق وقوع ركعة منها في الوقت الموجب لصحة الصلاة إلا بادراك ما أقله ثلاث صلوات وركعة من الرابعة، فالتقصير إلى ما دون ذلك كالتقصير في ادراك ركعة من الصلاة حالة العلم بالقبلة، ومن عدم المساواة لها في كل وجه، وإلا لما وجبت الصلاة بادراك قدرها إلى جهة بل ثلاث جهات، وهو خلاف المفروض، لكن لا يخفى عليك ما في الوجه الأول من أنه دعوى بلا دليل، فلا ريب حينئذ في ضعفه كالمحكي عن نهاية الإحكام من احتمال وجوب الأربع في التأخير اختيارا مطلقا أو مع ظهور الخطأ بناء على وجوب الأربع عليه، فعليه قضاء الفائتة منها، إذ ظهور الخطأ كاشف عن وجوب غيرها أصالة، إذ فيه أن دليل القضاء لا يشمل مثل ذلك قطعا، كما أن قاعدة الاجزاء تقتضي الاكتفاء بما فعله وإن ظهر بعد ذلك الخطأ إلا في الاستدبار على قول، والأصح خلافه كما ستعرفه في محله، والإثم في التأخير لو قلنا به لا ينافي شيئا من ذلك، مع أنه احتمل في النهاية أيضا جواز التأخير له اختيارا،