قال: (دخل زرارة علي أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنكم قلتم لنا صلوا الظهر والعصر على ذراع وذراعين، ثم قلتم أبردوا بها في الصيف. فكيف الابراد بها؟
وفتح الراحة ليكتب ما يقول فلم يجبه أبو عبد الله (عليه السلام) بشئ، فأطبق الراحة فقال: إنما علينا أن نسألكم وأنتم أعلم بما عليكم، وخرج ودخل أبو بصير على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: إن زرارة سألني عن شئ فلم أجبه وقد ضقت من ذلك فاذهب أنت رسولي إليه، فقل له: صل الظهر في الصيف إذا كان ظلك مثلك، والعصر إذا كان مثليك. وكان زرارة هكذا يصلي في الصيف، ولم أسمع أحدا من أصحابنا يفعل ذلك غيره وغير ابن بكير) وهو ظاهر في أن زرارة لم يكن مراده بسؤاله حد الاجزاء لصلاة الظهر، وفي هذا الخبر دلالة على تفسير الأمر بالابراد الوارد في بعض النصوص (1) عن النبي (صلى الله عليه وآله) بما عرفت، خلافا للمحكي عن الصدوق من تفسيره بإرادة الاستعجال بها من البرد، وخبرا محمد وأحمد - مع ما فيهما أيضا من بعض المناقشات السابقة ومخالفتهما لما يقوله الخصم - لا صراحة فيهما، بل ولا ظهور في الاختياري خاصة، بل إرادة الفضيلي منهما أولى من وجوه، وكذا خبر إشارة جبرئيل (عليه السلام) مع دلالته على الفعل بعد القامة، وأما قوله (عليه السلام) فيه: (وما بينهما وقت) مشعرا بعدم الوقت في غيره لا بد من تأويله عندنا وعند الخصم، وحمله على الفضيلة أولى من الاضطرار كما هو واضح.
كل ذلك مع ما في تعداده العذر والضرورة من الاجمال الذي لا ينبغي توقيت مثل الصلاة به، بل لو أنصف المتأمل فيما ورد من النصوص الدالة على جواز التأخير لأحد أفراد العذر والضرورة لعلم منه نفسه فضلا عن غيره أن ذلك وقت للصلاة أيضا، إلا أنه لشدة أمرها وأنها عمود الأعمال لا ينبغي تأخيرها عن وقتها الفضيلي إلا لعذر