الفقهاء إلى معنى آخر، وقد ذكر علماء الأصول في تحرير محل النزاع في الحقيقة الشرعية أن موضع الخلاف هي الألفاظ المتداولة على لسان المتشرعة التي هي حقائق عندهم في معانيها الشرعية، ومقتضى ذلك أن كل حقيقة شرعية حقيقة في عرف المتشرعة، فلو كان الوتر حقيقة في غير الواحدة في عرف الشارع لزم أن يكون كذلك في عرف المتشرعة، والمعلوم من حالهم خلاف ذلك.
فالأقوى حينئذ القول الأول، ودونه في القوة - وإن كان هو أقوى من الثاني إلا أنه لم نجد قائلا به بخلاف الثاني - احتمال اشتراك لفظ الوتر بين الكل والجزء، للاستعمال فيهما على وجه يمكن دعوى استفادة كونه حقيقة في كل منهما.
وكيف كان فأقوال أصحابنا منحصرة في القولين وإن كانت الاحتمالات ثلاثة، نعم يحكى عن الزهري من العامة أنه في شهر رمضان ثلاث ركعات وفي غيره ركعة واحدة، ولا شاهد له من الأخبار، بل قيل ولم يوافقه على ذلك أحد من الفقهاء، وعن الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنهما أن الوتر كل فرد من صلاة الليل من الواحدة إلى الإحدى عشر، أقله الأول، وأكثره الثاني، وما بينهم من الافراد مترتبة في الفضل، وأدنى الكمال هو الثلاث، وأفضل منه الخمس، ثم السبع، ثم التسع، ثم الإحدى عشر، ولا يجوز الزيادة عليها، استنادا إلى الجمع بين ما روي (1) عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (الوتر حق على كل مسلم، فمن أحب أن يوتر بسبع فليفعل، ومن أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل) وما روي (2) أيضا (أنه (صلى الله عليه وآله) كان يوتر بأربع وثلاث، وست وثلاث، وثمان وثلاث،