(و) ربما يشهد له أيضا ما ذكره المصنف وغيره، بل هو المشهور نقلا وتحصيلا من أنه (يستحب لهم) أي العراقيين (التياسر إلى يسار المصلي منهم قليلا) ضرورة أنه لولا التسامح المزبور أمكن الاشكال على هذا الحكم بما عن أفضل المحققين نصير الملة والدين لما حضر مجلس درس المصنف يوما واتفق الكلام في هذه المسألة من أن التياسر أمر إضافي لا يتحقق إلا بالإضافة إلى صاحب يسار متوجه إلى جهة، فإن كانت تلك الجهة محصلة لزم التياسر عما وجب التوجه إليه، وهو حرام، لأنه خلاف مدلول الآية، وإن لم تكن محصلة لزم عدم إمكان التياسر، إذ تحققه موقوف على تحقق الجهة التي يتياسر عنها، فكيف يتصور الاستحباب، بل المتجه حينئذ وجوب التياسر المحصل لها، إذ التحقيق في جوابه بناء على كون القبلة الكعبة للبعيد لا الحرم، وعلى أن الحكم استحباب لا وجوب أن المراد استحباب التياسر عن الجهة المدلول عليها بالعلامات التقريبية حينئذ، ولعله لأنه أكمل في المحاذاة المعتبرة التي قد سمعت تفسير الجهة بها، ضرورة عدم دوران الأمر بين حصول المعتبر من المحاذاة وعدمه كي يتجه الاشكال المزبور، ودعوى معلومية انعدام حصول المحاذاة في البعيد بأدنى انحراف يدفعها بعد إمكان منعها أنه كذلك في المحاذاة التحقيقية لا التقريبية.
نعم قد يشكل ذلك بأنه مخالف للنصوص الواردة في المقام التي هي مستندهم لهذا الحكم بحسب الظاهر، كخبر المفضل بن عمر (1) (سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن التحريف لأصحابنا ذات اليسار عن القبلة، وعن السبب فيه، فقال: إن الحجر الأسود لما أنزل به من الجنة ووضع في موضعه جعل أنصاب الحرم من حيث يلحقه النور نور الحجر، فهي عن يمين الكعبة أربعة أميال، وعن يسارها ثمانية أميال، كله اثني عشر ميلا، فإذا انحرف الانسان ذات اليمين خرج عن حد القبلة، لقلة أنصاب