بتقديم الأربع على الاجتهاد حتى الأمارات الشرعية، وهو كما قال لم يقل به أحد من المسلمين، إنما الكلام في الظن الحاصل من غيرها، وهو الذي فيه خلاف الشيخ، وهو نفسه قد احتمله في آخر عبارته مستظهرا له من الكتب السابقة، وكذلك الكلام في بعض معاقد اجماعات المسلمين التي حكاها عن الكتب المزبورة، فإنها ظاهرة في الأمارات الشرعية أو في الأعم منها، ولا ريب في أنه لم يقل أحد من المسلمين بتقديم الأربع عليها مطلقا، فلاحظ وتأمل جيدا.
وكيف كان فقد ظهر لك أن الأصح تقديم الاجتهاد على الأربع، نعم يقدم عليه بحسب الظاهر شهادة العدلين، وفي جامع المقاصد يلوح من عبارة شيخنا الشهيد في قواعده عدم الخلاف في الرجوع إليها، وفيه قوة، لأنها حجة شرعية، قلت: لكن بين ما دل على اعتبارها وبين ما دل على وجوب الاجتهاد مع انتفاء العلم تعارض العموم من وجه، اللهم إلا أن ترجح بالاكتفاء بها في كثير مما اعتبر فيه العلم، وأما خبر العدل فإنه وإن كان التعارض فيهما كذلك، إلا أنه يمكن انكار رجحانه في المقام الظاهر من الأصحاب عدم الالتفات إليه إلا من حيث كونه أمارة اجتهادية في وجه، لكن في كشف اللثام لم أر من اشتراط التعدد، فهو خبر: أي يكتفي فيه بما يكتفي به في الأحكام الشرعية، وإلا فكل خبر شهادة، لكن خص ما فيه زيادة تحقيق وتدقيق للنظر باسم الشهادة، فلما كان الله لطيفا بعبادة حكم في حقوقهم بشاهدين فصاعدا، واكتفى في حقوقه وأحكامه بالرواية، وهذا منها، وظاهره الاكتفاء به، وقد تقدم سابقا في أخبار العدل والعدلين بالنجاسة والوقت ما له نفع في أصل المسألة، فلاحظ وتأمل.
(و) مما يشهد لما ذكرنا من عدم التفات الأصحاب إلى خبر العدل قول المصنف:
ف (إذا اجتهد فأخبره غيره بخلاف اجتهاده قيل يعمل على اجتهاده، ويقوى عندي أنه إذا كان ذلك المخبر أوثق في نفسه عول عليه) وإلا فلا، ضرورة شموله لأخبار العدل