تقدير الضرورة فيها، بل تارة يذكر فيها العلة، وأخرى العذر، وأخرى الحاجة، وأخرى السفر، بل في تضمنها نفسها بعض الأعذار التي لا تصلح أن تكون سببا لتأخير مطلق الواجب عن وقته - فضلا عن مثل الصلاة، وفضلا عن مثل صلاة المغرب - أقوى دلالة على المطلوب، إلى غير ذلك من القرائن والأمارات التي يمكن أن تشرف الفقيه على القطع، بل قد عرفت في الظهرين ما يدل على المطلوب بوجوه، بل عرفت ما يمكن بسببه جعل النزاع لفظيا، وأن مرادهم من الوجوب شدة الاستحباب، ومن عدم الجواز شدة الكراهة، إذ لا ينبغي أن ينكر أن الأولى لصاحب الدين السالك مسلك المتقين عدم التأخير لغير عذر أصلا، إذ ليس هو حينئذ إلا من المتساهلين في سنة سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله) خصوصا في صلاة المغرب التي بتأخيرها لغير عذر يشبه أبا الخطاب وأصحابه لعنهم الله الذين أفسدوا أهل الكوفة، واستفاضت النصوص (1) بلعنهم والبراءة منهم، إذ كانوا لا يصلون المغرب حتى تشتبك النجوم ويغيب الشفق.
وأما العشاء فقد مر فيما سبق ما يدل (2) على دخول وقته قبل ذهاب الشفق المغربي، وعدم اعتباره فيه، سواء قلنا بالاشتراك أو بالاختصاص، بل أدلة الطرفين من تلك حجة على من اعتبره فيه، مضافا إلى ما سمعته سابقا من المختلف وإلى اجماعي الغنية والسرائر كما حكي عن ثانيهما المؤيدين بالشهرة العظيمة، بل هي اجماع من المتأخرين، بل لعله كذلك عند المتقدمين أيضا، بناء على ما سمعته في الظهرين من تعبيرهم عن الاستحباب المؤكد بالوجوب، وإن حكوه هنا عن الشيخين وسلار بل