غير تعد لغيره، لما عرفته سابقا من تقدر الضرورة بقدرها، سواء في ذلك الراكب والماشي وغيرهما من المضطرين، إذ الجميع من واد واحد، لكن تقييد المصنف خاصة من بين الأصحاب هنا بقوله: (مع ضيق الوقت) وإطلاقه في الراكب يشعر بالفرق بينهما، اللهم إلا أن يريد رجوعه إليهما، وفيه حينئذ أن وجوب الانتظار في ذوي الأعذار وعدم جواز البدار مع رجاء الزوال متجه فيما لم يعلق الحكم فيه على موضوع يتحقق عرفا قبل الضيق كالمقام المعلق فيه الحكم على الخائف ونحوه، ضرورة اقتضاء الاطلاق حينئذ مشروعية البدار بمجرد تحقق موضوع الحكم فضلا عن ظهور فحاوي النصوص (1) بذلك، ومناسبة سهولة الملة، والاهتمام بالمبادرة للصلاة، وكون الحكمة في مشروعية هذه الأحكام التخفيف ونحو ذلك، بخلاف غيره الذي جاء عدم السقوط فيه من قوله: لا تسقط الصلاة بحال ونحوه، لتوقف تحقق معنى الاضطرار فيه على ضيق الوقت، إذ هو مكلف بالصلاة الجامعة للشرائط في مجموع الوقت، ولم يعلم عدم التمكن حتى يضيق، وليس الخطاب بالصلاة منحلا إلى خطابات متعددة باعتبار تعدد الأحوال وإلا لاقتضى جاز فعل الصلاة الاضطرارية في أول الأوقات وإن علم بالتمكن في ثانيها، وهو مقطوع بعدمه في الشريعة، وتمام الكلام في حكم ذوي الأعذار في غير المقام، لكن على كل حال لا وجه للفرق بين الاضطرار للصلاة ماشيا وراكبا، والله أعلم.
(ولو كان الراكب بحيث يتمكن من الركوع والسجود وفرائض الصلاة هل يجوز له الفريضة على الراحلة اختيارا؟ قيل: نعم) واختاره في المدارك وغيرها من كتب متأخري المتأخرين، بل هو المحكي عن صريح نهاية الفاضل، وإشعار نهاية الشيخ والسرائر، وربما يشهد له ظهور المتن في وجود القائل قبله بذلك (وقيل: لا، وهو الأشبه) عند المصنف والفاضل والشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم، بل قيل: إنه المشهور: