الخطأ، والمقام منه، إذ لو صلى كذلك فاتفق ظهور خطئه فهو إلى ما بين المشرق والمغرب ولا ضرر فيه إذا كان بغير تقصير، فقاعدة المقدمة إلى حصول اليقين بالمكلف به في هذا الحال بحالها جابرة للمراسيل المزبورة التي تلقتها الفرقة بالعمل.
ومن ذلك يعلم سقوط المناقشة المزبورة بعد الاغضاء عن الثانية منها، لما ستعرفه إن شاء الله، كالمناقشة بأنه لو كان ذلك مقدمة لليقين المذكور لاجتزئ بالثلاث، ضرورة حصول جهة ما بين المشرق والمغرب بالصلاة إلى ثلاث جهات على وجه يقسم فيه الفضاء مثلثا، فإنه يقطع بعدم خروجها عن الخطوط الثلاثة، كما هو واضح، إذ يدفعها أيضا احتمال أن ذلك جار مجرى ما في أذهان غالب الناس من الجهات الأربع، مضافا إلى ما فيه من زيادة الاستظهار، بل قيل إن اغتفار ما دون التسعين يختص بمن صلى بالاجتهاد أو التقليد حيث يسوغ، أو ناسيا للمراعاة مع الخطأ كما يشعر به مستند الحكم، وهذا بالنسبة إلى فاقد الأمارات أمارة واجتهاد، فالصلاة إلى الأربع تستلزم الانحراف بثمن المحيط، وإلى الثلاث بسدسه، وهو أقرب إلى الصواب، فتأمل جيدا، وقد أطنب الأستاذ الأكبر في شرح المفاتيح في الانكار على ما فيها من أن الاحتياط يحصل بالثلاث على حسب ما سمعت، فلاحظ وتأمل.
ومن الغريب بعد ذلك كله وسوسة بعض متأخري المتأخرين في الحكم المزبور حتى مال إلى ما عن العماني والصدوق، وجنح إليه الفاضل في المختلف والشهيد في الذكرى من الاكتفاء بالصلاة إلى جهة من الجهات نحو ما يقوله العامة، لمرسل ابن أبي عمير (1) عن زرارة (سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قبلة المتحير فقال: يصلي حيث يشاء) وصحيح زرارة ومحمد بن مسلم (2) عن أبي جعفر (عليه السلام) (يجزئ المتحير أبدا أينما يتوجه إذا لم يعلم أين وجه القبلة) وما في الصحيح المروي في الفقيه عن معاوية