هذا. ويمكن معرفة القبلة أيضا بطرق أخر مستفادة من المهارة في علم الهيئة، ولعل أولاها ما ذكره بعض علمائنا مختارا له من بين الطرق، وهو طريقان: الأول ما أورده سلطان المحققين نصير الملة والدين في التذكرة قال: (ما نصه أن الشمس تكون تارة بسمت رأس مكة شرفها الله تعالى حين كونها في الدرجة الثامنة من الجوزاء، والدرجة الثالثة والعشرين من السرطان وقت انتصاف النهار، والفضل بين نصف نهارها ونصف نهار سائر البلدان أن يكون بقدر التفاوت بين الطولين، فليؤخذ التفاوت ويؤخذ لكل خمسة عشر جزء منه ساعة، ولكل جزء أربع دقائق، فيكون ما اجتمع ساعات البعد عن نصف النهار، وليرصد في ذلك اليوم ذلك الوقت قبل نصف النهار إن كانت مكة شرفها الله تعالى شرقية، أو بعده إن كانت غربية فسمت الظل حينئذ سمت القبلة) انتهى. قيل ووجه مرور الشمس حال كونها في كل من الدرجتين المذكورتين في سمت رأس مكة ما ثبت من أن ميل كل منهما عن المعدل بقدر عرضها، ووجه مساواة الفضل المذكور لما بين الطولين إلى آخر ما قاله أن ما بين الطولين قوس من المعدل واقع بين دائرتي نصف نهار البلدين، ولما كانت أجزاء المعدل ثلاثماءة وستين، وكل منها ستون دقيقة، وكان زمان الدورة أعني اليوم بليلته أربعا وعشرين ساعة مستوية، كل منها دقيقة كان حصة كل خمسة عشر جزءا ساعة واحدة، وحصة كل جزء أربع دقائق، فإذا أخذنا لما بين الطولين حصته من الساعات والدقائق كان المجتمع زمان ما بين انتصاف النهار بمكة وانتصافه بغيرها، فإذا بقي أو مضى من انتصافه فيه بقدر ذلك الزمان يكون الشمس على سمت رأس مكة وظل المقياس حينئذ مسامتا للقبلة، لمرور دائرة ارتفاع الشمس بسمت رأس مكة، فإذا جعل المصلي خطا بين قدميه وسجد عليه متوجها إلى المقياس يكون متوجها إلى القبلة، لأنه يكون قد سجد على قوس من عظيمة أرضية مارة بما بين قدميه وموضع سجوده ومكة شرفها الله تعالى،
(٣٨٢)