وكل ما يستقبل، وما له في هذا قبلة ولا دبرة بكسرهما أي وجهة، وهو كما ترى على عادته من الخلط والخبط، والأولى أنها الاستقبال على هيئة، أو الحالة التي عليها الانسان حال استقبال الشئ، وعرفا المستقبل وهو عند التحقيق المكان الواقع فيه البيت شرفه الله الممتد من تخوم الأرض إلى عنان السماء لا نفس البناء، كما يومي إليه خبر عبد الله بن سنان (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (سأله رجل قال:
صليت فوق جبل أبي قبيس العصر فهل يجزئ ذلك والقبلة تحتي؟ قال: نعم إنها قبلة من موضعها إلى السماء) ولذا لو أزيلت البنية أو نقلت إلى مكان آخر وجب استقبال ذلك الفضاء ولم تصح الصلاة إلى نفس البناء كما هو واضح، والظاهر اتحاد المعنى المنقول إليه بشهادة عرف المتشرعة الذين لا يعرفون غير الكعبة قبلة، حتى أنهم يلقنون بذلك موتاهم، بل هو من الضروريات عندهم، فيكون عند الشرع كذلك، إذ هو العنوان لمثله كما حرر في الأصول، فاحتمال تعدده - فيكون مشتركا لفظيا بينها وبين المسجد والحرم - في غاية الضعف، كاحتمال الاشتراك معنى بين الثلاثة المزبورة مخالف للاستعمال عرفا وسنة، وإطلاق القبلة على الجهة عرفا على ضرب من التجوز باعتبار احتمال وجود القبلة فيها كما لا يخفى على من دقق النظر في استعمالات العرف.
(و) من ذلك تعرف ما في القول بأن القبلة (هي الكعبة لمن كان في المسجد والمسجد لمن كان في الحرم، والحرم لمن خرج عنه) وإن قال المصنف أنه كذلك (على الأظهر) وفاقا للمبسوط والخلاف والمصباح والجمل والعقود والمحكي عن الاصباح والمهذب والمراسم، بل في المسالك نسبته إلى كثير، بل في الذكرى والروضة إلى الأكثر، بل في المحكي عن مجمع البيان نسبته إلى أصحابنا، بل في الخلاف الاجماع