بين المشي والركوب وغيرهما في جميع ما سبق من الأحكام حال الاختيار والاضطرار والكيفية، فلا يجوز للماشي فعل الفريضة مع الاختيار والأمن عند أهل العلم كافة كما في المحكي عن المنتهى، بل فيه أيضا وإذا اضطر يصلي على حسب حاله ماشيا يستقبل القبلة ما أمكنه، ويومي بالركوع والسجود، ويجعل السجود أخفض من الركوع، ذهب إليه علماؤنا أجمع، وقال الله تعالى (1): (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) بل قد يدعى ظهورها في التخيير بين الأمرين عند الاضطرار، ويؤيده أن احتمال ترجيح المشي حينئذ لحصول ركن القيام معارض باحتمال ترجيح الركوب، لأن الراكب مستقر بالذات وإن تحرك بالعرض، بخلاف الماشي، خصوصا مع الركوب في المحمل الذي هو بمنزلة السفينة في الخبر، نعم لو فرض امكان استيفاء بعض الأفعال الأخر كالركوع والسجود في أحدهما أمكن حينئذ تقديمه، ودعوى عدم ظهور الآية في التخيير، لجواز كونها لبيان شرعية الأمرين وإن كان بينهما ترتيب كآية كفارة الصيد (2) يدفعها أن الاحتمال لا ينافي الظهور المزبور إذا لم يكن شاهد له، على أنه يكتفي في ثبوت التخيير عدم الدليل المعتبر على الترتيب، كما أنه لا دليل كذلك على وجوب كيفية خاصة لمشي المكلف حال الصلاة أو راحلته، فللراكب حينئذ الركض على دابته، وللماشي العدو من غير ضرورة، لأنهما فردان منهما كما عن نهاية الإحكام التصريح به، ومجرد انقداح الترتيب بين أفراد المشي في النفس من غير دليل شرعي لا يصلح عذرا وإن كان هو كذلك واقعا، كما هو واضح من أصول الإمامية.
نعم ينبغي اعتبار التوقي عن النجاسة كغير الماشي، لاطلاق الأدلة، وكذا غير ذلك من الشرائط، بل يقتصر على ما قضت الضرورة بعدمه كالاستقرار ونحوه من