الغير، بل ربما أوجب ذلك بعضهم تحصيلا ليقين البراءة، كما أنه أوجب الصلاة إلى الجهة المزبورة عند ضيق الوقت لذلك وللتخلص من ترجيح المرجوح، وهو جيد لو قلنا بوجوب هذا الاحتياط، خصوصا بعد أن كان الظاهر من النصوص عندنا ما عرفت.
ولا يعارضه ما في الذكرى من أن القدرة على أصل الاجتهاد حاصلة، والعارض سريع الزوال، إذ هو - مع أنه اعتبار، وإنما يفيد التأخير إلى زوال العارض - لا يصلح معارضا، لأن هذا الرجوع عندنا من الاجتهاد، وإطلاق اسم التقليد عليه لضرب من المجاز كما قدمناه سابقا، فتأمل جيدا، فإن هذه المسائل لا تخلو من تشويش واضطراب في كلام الأصحاب كما أومأنا إليه سابقا، بل هو لا يخفى على كل ناظر متأمل، خصوصا في أدلتهم بآية النبأ ونحوها المقتضية للاقتصار على خصوص إخبار العدل، مع أنك قد عرفت البحث فيه سابقا، وأنه ربما قيل بحجيته في نفسه، وأنه لا اجتهاد حينئذ مع حصوله، نعم يدخل في البحث بناء على عدم حجيته هنا، فهو كظن العدل بل وظن غيره، إذ المدار على حصول الظن للمكلف، والظاهر الاقتصار في خبر العدل، بناء على حجيته في نفسه على ما إذا أخبر عن حسن كرؤيا جدي أو غيره من أمارات القبلة، أما قطعه الاستنباطي فقد يتوقف فيه، وربما ظهر من كشف اللثام دخوله تحت التقليد، إلا أنه قد يشكل بما هو مقرر في محله من عدم اشتراط صدق الخبر بكونه عن حس، والله أعلم.
(و) كيف كان ف (مع فقد العلم والظن فإن كان الوقت واسعا صلى الصلاة الواحدة إلى أربع جهات لكل جهة مرة) على المشهور بين الأصحاب نقلا وتحصيلا بين القدماء والمتأخرين شهرة عظيمة، بل في صريح الغنية وظاهر جامع المقاصد والتذكرة وموضع من الذكرى والمحكي عن المعتبر والمنتهى والغرية الاجماع عليه، وإن حكاه الأولان والأخير في خصوص العارف إذا غمت عليه الأمارات، إلا أن المسألة من واد واحد، وهي حيث يتعذر عليه العلم والظن، وهو الحجة، مضافا إلى مرسل