عقوبة له من حيث تركه، على أن تسليمه لا يدفع أصل الاشكال، لتحققه بغيره، والثالث خلاف ما صرحوا به من كون الغسل فيها للفعل غير فارقين بينها وبين غيرها في ذلك.
ومن هنا ارتكب بعضهم الاستثناء فحكم بتقديم الغسل للفعل إلا في هذه الأمور كآخر فقسم الغسل إلى زماني وغائي، ويدخل المكاني فيه، وسببي على خلاف التقسيم المشهور من الزماني والفعلي والمكاني، والأمر في ذلك كله سهل بعد التسالم على الحكم، نعم قد يناقش بحسنة معاوية بن عمار السابقة " إذا دخلت المدينة فاغتسل قبل أن تدخلها أو حين تدخلها " بناء على أن الترديد منه (ع) لا من الراوي، وقد تحمل على إرادة التخيير بين التقديم بفصل وغيره، كما عساه يشهد له قوله (عليه السلام) (1): " إذا انتهيت إلى الحرم إن شاء الله فاغتسل حين تدخله وإن تقدمت فاغتسل من بئر ميمون أو من فخ أو من منزلك بمكة " الخبر. وأصعب منه المناقشة بخبر ذريح (2) سألته " عن الغسل في الحرم قبل دخوله أو بعد دخوله، قال: لا يضرك أي ذلك فعلت، وإن اغتسلت في بيتك حين تنزل بمكة فلا بأس " لكنه قد يحمل على إرادة غسل دخول الكعبة أو المسجد أو غير ذلك، وعن الشيخين والأكثر تنزيل هذه الأخبار على العذر والاضطرار، وفيه أنه مبني على جوازه عندهما ولو قضاء، وهو محل بحث وإن ظهر من المحكي عن الذكرى جوازه في سائر أغسال الأفعال إلا أنه لا يخلو من نظر، إذ لو جاز لاقتصر فيه على محل النص، فتأمل جيدا.
ثم لا يخفى عليك أنه ليس المراد بالتقديم في الغسل لغايته الاجتزاء به ولو مع الفصل بالزمان الطويل كاليومين والثلاث فصاعدا قطعا، لظهور الأدلة أو صراحتها