ريب في طهارة دم الكبد ونحوه، وحرمة الأكل لا تستلزم النجاسة قطعا.
ودعوى أن العلة في طهارة المتخلف إنما هو إباحة الأكل المستلزمة لإباحته ممنوعة، فلا يبعد القول بالطهارة فيه حينئذ كسائر الأجزاء المأكولة، بل الظاهر شمول بعض معاقد الاجماعات السابقة له.
وكيف كان فالحجة على طهارة المتخلف في غير المحرم ما عرفته من الاجماع المعتضد بما سمعت، مضافا إلى المستفاد من مفهوم قوله تعالى (1): " مسفوحا " من إباحة الأكل اللازمة للطهارة، والعسر والحرج والسيرة المستمرة في سائر الأعصار والأمصار على أكل اللحم مع عدم انفكاكه عن الدم، كفحوى ما دل على إباحة أكل الذبيحة.
وبذلك كله يخص أو يقيد ما دل على نجاسة الدم من ذي النفس، فكان على المصنف استثناؤه منه، ولعله تركه لمعلوميته، بل ينبغي القطع بذلك، فليس إطلاقه حينئذ خلافا، كالمحكي عن أبي علي وانتصار السيد وجمل الشيخ ومبسوطه ومراسم سلار من إطلاقهم نجاسة الدم عدا ما لا نفس له سائلة، أو يقال كما عساه يظهر من جماعة: إن مرادهم من الدم المحكوم بنجاسته من ذي النفس إنما هو المسفوح دون غيره، فلا حاجة حينئذ إلى استثنائه.
ومن هنا تمسك بعضهم في طهارة المتخلف بالأصل، لكنك قد عرفت سابقا ما فيه، وأن الأدلة عامة لسائر دم ذي النفس، فلا بد حينئذ من استثناء خصوص هذا الدم من تلك العمومات، بل لا بد من الاقتصار على المتيقن منه، وهو المتخلف بعد خروج تمام المعتاد مما يقذفه المذبوح لا مع عدمه، كالمذبوح مثلا في أرض منحدرة ورأسه أعلى فلم يقذف، أو الجاذب بأنفه من الدم المسفوح زيادة على المعتاد فإن هذا المتخلف خاصة نجس، لعموم الأدلة السابقة من غير فرق بين تخلفه في البطن أو غيرها،