يجدد الضرب لأجل تحصيل العلوق وإن كان الواجب عليه ضربة واحدة - خلاف المنقول من ابن الجنيد، من غرابة الوجه الثاني كغرابة ما في الشرح المتقدم، إذ من المعلوم من امتثال هذه الأوامر أي أوامر النفض إرادة التقييد بما لو علق فيها شئ سيما مع غلبة الضرب على ما يحصل منه العلوق، وعليه ينزل إطلاق الأخبار، خصوصا ما كان منها حكاية أفعال، على أن الأمر بالنفض لم يسق للدلالة على اعتبار العلوق، وإلا فمن أفراد التيمم ما لا يحصل معه علوق عند الأكثر كما صرحوا به في الحجر الأملس ونحوه، بل والجميع في حال فقد التراب، وقد عرفت أنه أعم من عدم التمكن من العلوق، بل الظاهر التمكن من حيث جعل الغبار مرتبة ثالثة، على أنه لا دليل على سقوط وجوب العلوق عند الاضطرار، بل المتجه حينئذ سقوط التيمم وكونه فاقد الطهورين، إلى غير ذلك مما في هذه المناقشة، مما يطول التعرض له، وقد وقع هنا للمفاتيح وشرحه للأستاذ الأعظم من الغرائب ما يقضي منه العجب، فلاحظ وتأمل.
كل ذا مع ضعف ما يصلح التأييد به لمذهب الخصم، إذ أقصاه ظهور التبعيض من قوله تعالى: (1) " فامسحوا بوجوهكم وأيدكم منه " حتى قال في الكشاف: " إنه لا يفهم أحد من العرب من قول القائل: مسحت برأسي من الدهن ومن الماء ومن التراب، إلا معنى التبعيض " مع ما في صحيح زرارة (2) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " قلت له: ألا تخبرني من أين علمت وقلت: إن المسح ببعض الرأس والرجلين - وذكر الحديث إلى أن قال -: قال أبو جعفر (عليه السلام): ثم فصل بين الكلام، فقال: " وامسحوا برؤوسكم " فعرفنا حين قال: " برؤوسكم " أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء - إلى أن قال: " فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم "