وفي المروي عن الحميري في قرب الإسناد في الصحيح عن الرضا (عليه السلام) (1) " إنه كان أبي يغتسل للجمعة عند الرواح " فالمراد بالرواح فيه على الظاهر معناه المعهود وهو المضي إلى الصلاة دون الرواح بمعنى العشي، أو ما بين الزوال إلى الليل، كما يشهد لذلك قوله (ع): " كان " الدال على الاستمرار، إذ من المعلوم أن الغسل في هذا الوقت ليس من الأمر الراجح حتى يداوم عليه، ولعل هذا الخبر هو مستند ما ذكره الصدوق في الفقيه، حيث قال بعد أن ذكر أنه يجوز الغسل من وقت طلوع الفجر إلى قرب الزوال: " وأن الأفضل ما قرب إليه، ويجزى الغسل للجمعة كما يكون للرواح " وكان قوله: " ويجزئ " لبيان أنه لا يشترط في حصول وظيفة الغسل أن يكون عند الرواح إلى صلاة الجمعة كما نقل عن بعض العامة، بل كما يكون للرواح إلى الصلاة يكون لسنة الوقت وظيفة اليوم وإن لم يتعقبه الرواح كذا قيل، قلت: ولعل حملها على ما ذكرناه سابقا من تعلق الغسل بالوقت والصلاة، وأنه يجزئ الثاني عن الأول عند الصدوق وإن كان بعد الزوال أولى. فتأمل وكيف كان فمن الغريب ما اتفق لبعض الأعاظم من ضبط لفظ الرواح بالزاء المعجمة والجيم وذكر في توجيهه ما يقضي منه العجب، ولقد أطنب فيه في الحدائق، والأمر سهل.
وقد ظهر لك من ذلك كله مستند كل من الاحتمالات أو الأقوال، المتقدمة.
والذي يسهل الخطب في ذلك عدم إيجاب التعرض في النية للأداء والقضاء، ومن هنا ذكر بعض متأخري المتأخرين أنه ينبغي الاقتصار على نية القربة في الغسل بعد الزوال، كما ظهر لك أيضا تمام حجة المختار، وقد يستند له أيضا زيادة على ذلك بصحيح زرارة عن الباقر (عليه السلام) (2) " لا تدع الغسل يوم الجمعة فإنه سنة، وشم الطيب، ولبس