فالظاهر من القرائن من الكلب المعلم في مقام الصيد: ما له مدخلية في الاصطياد، زائدا على ما يعلمه وتقتضيه خلقته وطبعه من الاسترسال والانزجار والقتل والامساك، وأن لا يكون بحيث لا يطلب الصيد إلا حال الجوع، وأن لا يجرحه ويتركه ويمضي منه، ونحو ذلك.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن غاية ما اعتبروه في معلمية الكلب أمور ثلاثة:
أحدها: أن يسترسل وينطلق بإرسال صاحبه، يعني: إذا أغري بالصيد هاج وإن كان شبعانا.
وثانيها: أن ينزجر ويقف عن الذهاب والاسترسال إذا زجر عنه.
وثالثها: أن يمسك الصيد ولا يأكله حتى يصل صاحبه.
ولا ريب في أن المعلمية للكلب في مقام الاصطياد تتحقق بتعليم هذه الثلاثة لغة وعرفا، ولا كلام في ذلك والاجماع عليه منعقد.
وإنما الكلام في أنه هل يكفي بعضها كما هو كذلك بحسب اللغة والعرف، أو تعتبر الثلاثة؟
فنقول: لا شك في اعتبار الأمر الأول مطلقا، ولا في الثاني في الجملة، لانتفاء الخلاف في اعتبارهما، بل انعقاد الاجماع عليه، كما صرح بهما بعض الأجلة (1)، بل تحققا عند التحقيق والدقة، فهما الحجة فيهما، مضافا إلى عدم معلومية صدق المعلم العرفي بدونهما لو لم ندع معلومية العدم.
وهل اعتبار الثاني مطلق - كما هو المحكي عن الأكثر (2) - أي ينزجر