ولأن المقتضي له موجود والمانع مفقود..
أما الأول: فللوضع لما يصح منه الاخراج تجوزا، ووجود علاقة مصححة، هي علاقة العموم والخصوص، دون المشابهة المنتفية في المقام.
وأما الثاني: فإذ ليس إلا قبح مثل قول القائل: أكلت كل رمانة في البستان، وفيه آلاف ولم يأكل إلا واحدة أو ثلاثة. و: كل من جائك فأكرمه، ثم قال: أردت زيدا أو هو مع عمرو. وذلك القبح ليس كليا حتى يكون مستندا إلى اشتراط الواضع بقاء الأكثر من العام، بل لأمر عارض يزول إذا روعيت فيه الجهات المحسنة والاعتبارات اللائقة وتصرف المتكلم فيه تصرفا يخرجه عن الضعة والابتذال، بل قد يلتحق به الكلام بالبليغ الذي يتنافس به الأعلام، وذلك كما في: علي واحد وواحد وواحد إلى عشرة، فإنه يستقبح مع كونه موافقا للغة، وإذا كانت هناك نكتة يرتفع القبح كما في بنت سبع وأربع وثلاث، وكما أن التكرار مما تستقبحه الطباع، وقد يستحسن بمراعاة بعض النكات كما في سورتي: الرحمن والمرسلات، وكتوجه الخطاب الموضوع للموجود أو الحاضر أو ذوي العقول إلى المعدوم أو الغائب أو غير ذوي العقول أو عكس ذلك بملاحظة بعض اللطائف والأحوال، وبهذا الاعتبار يحسن استعمال أدوات العموم في قليل من أفراد العام، كأن ينظر في المثالين المتقدمين إلى أن ما عدا المراد بمنزلة المعدوم لنوع امتياز للمراد من بين الأفراد فكأنه لا فرد لذلك العام سوى المراد..
أو إلى أنه لما أكل أحسن الرمانات وأراد أفضل الجائين فكأنه أكل الكل وأكرم الجميع، فيطلق لفظ العموم نظرا إلى ما وقع عليه الفعل من