من الكرم، والنقيع من الزبيب، والبتع من العسل، والمزر من الشعير، والنبيذ من التمر) (١).
فإنها دالة على اختصاص العصير بماء العنب وعصارته إن جعلنا العصير بيانا للخمسة، يعني: أن الخمر يحصل من خمسة أشياء: من العصير وهو من الكرم، ومن النقيع الذي هو من الزبيب، إلى آخره. أو اختصاصه بالخمر العنبية إن جعلناه بيانا لأقسام الخمر.
وأما الثاني: فلأن العصير في تلك الأخبار لو كان عاما لزم تخصيص الأكثر، بل إلا الاندر، وهو هذه الثلاثة، وخروج سائر أفراده التي لا تحصى من الكثرة، وذلك غير جائز على التحقيق، فيكون العصير إما مخصوصا بالوضع، أو مستعملا في بعض الأفراد تجوزا لا من باب تخصيص العام، وعلى التقديرين لا تكون إرادة الزائد عن العنبي عنه معلومة.
وأورد عليه بوجهين:
الوجه الأول: منع عدم جواز تخصيص الأكثر، لوقوعه في الكتاب العزيز، قال سبحانه: ﴿إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين﴾ (٢).
مع قوله تعالى: ﴿ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين﴾ (3)، فإن المخلصين لو كانوا أقل كان الغاوون أكثر وقد استثنوا من الأولى، وإن كانوا أكثر فقد استثنوا من الثانية، ويلزم استثناء الأكثر.