إلا أن يقال: إن الأول أظهر، لكن نقول: إنه بعد تسليم كون الأول أظهر يتطرق الفتور على الظهور بعطف " التصديق " على " التصحيح "، كما يظهر مما يأتي آنفا.
وبعد هذا أقول: إنه لو كان المقصود بالموصول هو الحديث، فلا مجال لأن يكون الغرض الإجماع على صحة الحديث باعتبار جميع أجزاء السند؛ لفرض صحة من دون أصحاب الإجماع؛ إذ على ذلك يلزم الإجماع على صحة الصحيح، فلابد من كون الغرض الإجماع على صحة الحديث باعتبار أصحاب الإجماع مع من فوقهم، أو باعتبار أصحاب الإجماع فقط، وليس الحمل على الأول أولى من الحمل على الثاني، ودعوى ظهور الحمل على الأول تندفع بما سمعت.
والفرق بين هذه المقالة والمقالة السابقة: أن المدار في المقالة السابقة على عدم استلزام كون المقصود بالموصول هو الحديث صحة الحديث باعتبار جميع أجزاء السند، والمدار في هذه المقالة على امتناع ذلك، وهو أولى وأحسن. هذا ما كتبته سابقا.
وتحرير الحال: أنه إن كان المقصود بالموصول هو الحديث، فحمل التصحيح على الحكم بصحة الحديث باعتبار جميع أجزاء السند يستلزم الحمل على الحكم بصحة الحديث باعتبار الجزء الصحيح، أعني النصف التحتاني - مثلا - أي من دون الجماعة، والحمل على الحكم بصحة الحديث باعتبار النصف الفوقاني - أعني أنفس الجماعة ومن فوقهم - ليس أولى من الحمل على الحكم بالصحة باعتبار أنفس الجماعة.
وبعد هذا أقول: إن عطف التصديق على التصحيح يدل دلالة قوية ويكشف كشفا كاملا عن كون المقصود بالموصول هو الإسناد، أو كون المقصود بتصحيح الحديث الذي صح عن هؤلاء هو الحكم بصحته ممن روى عنه هؤلاء من الإمام أو الرواة بلا واسطة.