الأخير، أعني الخلو عن التوثيق، ومطلقا على الأول، أعني الخلو عن المدح، إلا أنه لا يخرج به عن ظاهر كلامه ولا يرفع الظن بصدقه؛ فتدبر.
كما أن ظهور خطأ الكشي في بعض الجماعة بالنسبة إلى بعض العصابة لا يوجب ارتفاع الظن من كلامه بالاتفاق في الباقي من الجماعة، بل لا يوجب ارتفاع الظن باتفاق الباقي من العصابة في ذلك البعض من الجماعة، فلا أقل من الشهرة بين العصابة فيه؛ فلا بأس بالتمسك بكلامه. وعلى أي حال ظاهر كلامه ما ذكرناه.
وأيضا يتأتى الاعتراض المزبور على تقدير حمل كلامه على اعتبار الخبر أيضا، بناء على اقتضائه وثاقة الجماعة فقط، أو مع من فوقهم، وأيضا دعوى كون المعروف مجهولا ليست على ما ينبغي، كما يظهر مما يأتي.
ثم إنه قد ذكر شيخنا البهائي في حاشية منسوبة إليه - تعليقا على قوله في أوائل مشرقه: " أو على تصحيح ما يصح عنهم كصفوان بن يحيى، ويونس بن عبد الرحمن، وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي " بعد قوله: " ومنها وجوده في أصل معروف الانتساب إلى الجماعة الذين أجمعوا على تصديقهم كزرارة، ومحمد بن مسلم، والفضيل بن يسار " (1) -: أن الغرض من التصحيح هو عدم رواية الجماعة إلا عن الثقة، أو عدم إرسالهم إلا عن الثقة، أو عدم اعتنائهم بغير الثقة، والكل عجيب والمدار في الأول على عدالة خصوص من روى عنه الجماعة بلا واسطة، لاعلى عدالة الجماعة، فضلا عن كل من توسط بين المعصوم (عليه السلام) والجماعة على تقدير تعدد الواسطة، كما هو الحال على كون المقصود صحة الحديث، بناء على كون الغرض عدالة الجماعة ومن فوقهم، ولا صحة الحديث فقط كما هو الحال على القول المذكور، بناء على كون المقصود صحة الحديث فقط.