مضافا إلى أن الظاهر استناد الدعاء إلى مولانا الصادق - عليه آلاف التحية والسلام - ولعل اضطراب (1) العلامة المشار إليه في الاستدلال بذلك من أجل ما ذكر، لكن ليته ترك الاستدلال بذلك بالكلية، هذا.
وقوله: " فقال: يليق للإنسان أن لا يدع اقتباس العلم حتى يموت " يشبه في المبالغة على التحصيل ما نقله ابن إدريس في أول السرائر من أنه نقل عن الحسن اللؤلؤي أنه قال:
" غبرت أربعين سنة وما قلت وما بت إلا والكتاب موضوع على صدري ".
ومن أنه اختار الجملة من المحققين وأهل العبرة والفكرة من الديانين وضع الكتب والاشتغال بها واجتهاد النفس في تخليدها وتوريثها على صوم النهار وقيام الليل (2).
[التخلق ثم التعلم] لكن نقول: إنه لابد في تحصيل العلم من التقوى وتهذيب الأخلاق، وإلا فلا يتيسر التحصيل. وكذا لابد من التضرع إلى الله طلبا لمزيد عناياته، وإلا فالعلم بمجرده لا يسمن ولا يغني من جوع، بل يزيد جوعا على جوع؛ ولعمري لا يوجب العلم بمجرده إلا الهموم والغموم، والسالك في مسلكه إنما يسلك مسالك المهالك، بل ربما يتعدى الأمر إلى الجنون أو الهلاكة أو خسران الدنيا والآخرة، ومن الخبط خبط العشواء الإكباب على تحصيل العلم فقط، ولا دواء الداء إلا طرياق عناية الله عزوجل.
وما أحسن ما نقله سيدنا من أنه وصى إليه الوالد الماجد (رحمه الله) أن لا يترك الابتهال إلى الله العزيز الأعلى في الليل، ولو كان طلوع الفجر مشكوكا فيه.