وأما ابن بكير وأبان بن عثمان: وإن حكى الكشي الإجماع المذكور في حقهما (1)، لكن لم يظهر منه الاعتراف بفساد عقيدتهما، بل إنما حكاه عن ابن مسعود في عبد الله بن بكير، وابن (2) فضال في أبان؛ حيث حكى عنه الكشي أن أبانا كان من الناووسية، وحكم غيره بذلك لا يضر فيما نحن بصدده من دلالة كلامه عليه.
وعلى فرض التسليم نقول: إن المدعى ظهور العبارة فيما ذكر، وثبوت خلافه في بعض المواضع لدلالة أقوى غير مضر، وهذا كما يقال: إن لفظة " ثقة " تدل على كون الموثق إماميا عادلا، ومع ذلك كثيرا ما يوصف من فسدت عقيدته بذلك، كما لا يخفى (3).
ولم يستدل على إفادة الإمامية بشيء، إلا أن الدليل إما ظهور عبارة الكشي فيه، أو ظهور شدة الاعتماد المستند إليه الإجماع على التصديق والتصحيح المنقول في كلام الكشي في ذلك.
أقول: إنه لما جرينا في المقام السابق على عدم دلالة نقل الإجماع على اعتبار الخبر، فنحن هنا في فسحة من الكلام في دلالة نقل الإجماع على عدالة من روى عنه الجماعة، لكن يلزم علينا تشخيص دلالته على عدالة الجماعة وإن لو لم يثبت هذا ليكفي الدلالة على الصدق لعدم اشتراط العدالة.
فنقول: إن الصحة وإن لا تستلزم عدالة الجماعة ولا من رووا عنه؛ لعدم اختصاص الصحة في لسان القدماء - على ما هو المنقول عنهم - بما كان كل رجال سنده عدلا إماميا، وعمومها لكل ما كان مظنون الصدور ولو كان بالقرائن الخارجة.
إلا أن الظاهر أن الإجماع لم يقع باعتبار اطلاع العصابة والأصحاب على مجرد تحرز الجماعة عن الكذب وإن كان بعضهم أو كلهم فاسقا، بل الظاهر أنه باعتبار