له يوما - وهو في مصيدة - خنزير عظيم الجثة، طويل السن الخارج، فضربه بالسيف ضربة نصفه بها، ثم أمر بقلع سنه والإتيان بها إليه، فوجد مكتوبا عليها لفظ الجلالة بخط بين، فحصل له ولنا ولمن حضر المصيدة من العسكر المنصور نهاية التعجب؛ فإن ذلك من أغرب الغرائب.
ولما أرانيها - أدام الله نصره وتأييده - قال لي: كيف يجتمع هذا مع نجاسة الخنزير، فعرضت لديه أن السيد المرتضى قائل بطهارة مالا تحله الحياة من نجس العين (1)، ووجود هذا الخط على هذا السن ربما يؤيد كلامه طاب ثراه؛ فإن السن مما لا تحله الحياة.
وكان بعض الأطباء حاضرا في المجلس الأشرف، فقال لي: قد صرح الشيخ في القانون بأن بعض العظام لها حياة، وأن السن من جملة تلك العظام، فتكون مما تحله الحياة ألبتة.
فقلت له: كلام ابن سينا غير رائج عندنا بعد ما نقله علمائنا - قدس الله أرواحهم - عن أئمتنا - سلام الله عليهم - من أن السن مما لا تحله الحياة، وأنها كالظفر والشعر والقرن، فحرك رأسه ولوى عنقه مشمئزا مما قلته استعظاما لابن سينا، فأردت كسر سورة استعظامه، فقلت له: إن لي مع ابن سينا في هذا المقام بحثا لا مخلص له منه، وهو أنه ناقض نفسه في هذا الكلام الذي نقلته أنت عنه؛ لأنه ذكر في بعض أمراض الأسنان من القانون أنها من جملة العظام التي ليس لها حس وقال في بحث تشريح الأسنان: ليس لشيء من العظام حس إلا الأسنان، وظاهر أن تلك العبارة موجبة جزئية فيثبت الحس للبعض، وتلك سالبة كلية تنفيه عن الكل، وهل هذا إلا عين التناقض؟! فطأطأ رأسه وقال: أراجع القانون فقلت: