مما يأتي - مدفوع بأن في المقام ما يمنع عن صحة حمل الكلام على صحة الحديث، أي حمل الموصول على الحديث.
فقد أجاد المحدث المحسن القاشاني؛ حيث زيف القول المزبور بأن ما يصح عن الجماعة إنما هو الإسناد، لا المروي (1).
وبعد هذا أقول: إن كون المقصود بالموصول هو الحديث لا يستلزم كون المفاد الإجماع على اعتبار الخبر؛ إذ ما يصح عن هؤلاء على هذا إنما هو الحديث باعتبار الراوي عن الجماعة، فالمقصود بتصحيح هذا الحديث الجائي صحيحا عن هؤلاء إما الحكم بصحته باعتبار نفس أهل الإجماع، أو باعتبارهم ومن فوقهم، فيتأتى الإجمال؛ لدوران الأمر بين كون المقصود صحة الحديث المذكور عن المعصوم، أو عمن فوق الجماعة.
وإن قلت: إنه إذا تعذر حمل الصحة في التصحيح على صحة الحديث باعتبار جميع رجال السند، فلابد من الحمل على الصحة باعتبار أهل الإجماع ومن فوقهم؛ قضية أنه إذا تعذرت الحقيقة فأقرب المجاز [ات] متعين.
قلت: إن المدار في القرب على العرف لا المرتبة، ومن هذا أن الحق حمل الوجوب التعييني عند تعذر الحمل عليه على الاستحباب، لا الوجوب التخييري، كيف لا؟ وملاحظة المرتبة من قبيل ملاحظة المصالح العقلية، ولا مسرح لهذه المصالح في باب حمل اللفظ على المعنى والظن بإرادته، مع أن المفروض إضافة الصحة في التصحيح إلى الحديث، وكون الكلام في التميز، أي كون الصحة باعتبار أصحاب الإجماع ومن فوقهم، وكونها باعتبار أهل الإجماع بعد تعذر كون التميز جميع رجال السند، والأمر على كل من التقديرين الأولين من باب الحقيقة، كما هو الحال على تقدير كون التميز جميع رجال السند.
وإن قلت: إن معنى تصحيح الحديث هو الحكم بصدوره عن المعصوم؛