بعدم إرادة هذا الفرد الخاص من العموم، فيكون الخاص بيانا للمراد الواقعي من الدليل العام، لكن بحكم العقل ومن باب الجمع بين الدليلين.
وهذا بخلاف الدليل الحاكم، فان بيانيته بمدلوله اللفظي لا بتوسط حكم العقل، بحيث يفهم من مدلوله اللفظي انه بيان لحال دليل آخر فيضيق دائرته أو يوسعها.
ولأجل ذلك كان الدليل الحاكم متفرعا على الدليل المحكوم، فيتوقف على ورود المحكوم أولا ثم يرد الحاكم. بخلاف الخاص فإنه لا يتفرع على ثبوت حكم العام أصلا كما عرفت.
ثم ذكر: ان الحكومة على أقسام:
فمنها: ما يتعرض لموضوع المحكوم، كما إذا قيل: " زيد ليس بعالم " بعد قوله: " أكرم العلماء ".
ومنها: ما يتعرض لمتعلق الحكم الثابت في المحكوم، كما لو قيل إن الاكرام ليس بالضيافة.
ومنها: ما يتعرض لنفس الحكم، كما لو قيل: " ان وجوب الاكرام ليس في مورد زيد ".
ثم ذكر أن الوجه في تقدم الحاكم على المحكوم هو انه لا تعارض بين الدليلين أصلا، لان الدليل المحكوم يتكفل الحكم على تقدير ثبوت الموضوع، فلا تعرض له لثبوت ذلك التقدير وعدمه، والدليل الحاكم يتكفل هدم تقدير ثبوت الموضوع وبيان عدم تحققه، وفي مثله لا تنافي أصلا بين الدليلين.
وعلى هذا الأساس صحح الترتب بين الامر بالضدين، ببيان عدم المنافاة بين تعلق الامر بالأهم مطلقا وتعلق الامر بالمهم على تقدير عصيان الأهم، فان امتثال الامر بالأهم إلى هدم موضوع الامر المهم، فلا يصادمه ولا ينافيه، بل هو كالحاكم بالنسبة إلى الدليل المحكوم.