وأما قرينة التخصيص، فهي ليست بيانا للمراد الاستعمالي، بل هي بيان للمراد الواقعي الجدي، فتكون مبينة لما هو موضوع الحكم واقعا، وان عنوان العام ليس تمام الموضوع بل جزؤه.
وبعد أن ذكر بعنوان المقدمة، أفاد (قدس سره): أن الحكومة بنظر الشيخ (رحمه الله) لا تختص بما إذا كان الحاكم من قبيل قرينة المجاز مبينا للمراد الاستعمالي من المحكوم، بان يتكفل الحاكم التفسير للدليل المحكوم بمثل كلمة:
" أعني " أو: " أي " أو: " مرادي كذا " ونحو ذلك، بل هي بنظره أن يكون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي متعرضا للدليل الاخر.
وهذا أعم من كون التعرض للدليل الاخر بالنصوصية بمثل كلمة:
" أعني "، أو التعرض للمراد الواقعي للدليل الاخر بظهور الحال أو السياق بنحو يفهم كون النظر في هذا الدليل للدليل الاخر، نظير ان يرد دليل يتكفل الحكم على موضوع عام، ثم يأتي دليل آخر يتكفل اخراج بعض افراد الموضوع عنه، أو يتكفل اثبات عنوان العام لفرد خارج عنه واقعا، مثلا يأتي دليل يتكفل اثبات وجوب الاكرام لكل عالم، ثم يأتي دليل يقول: " ان زيدا ليس بعالم " وهو عالم واقعا، ويكون المنظور فيه نفي حكم العام عنه، فيتكفل هذا الدليل تضييق موضوع حكم العام، فيشترك مع التخصيص في الأثر وفي كونه بيانا للمراد الواقعي، إلا أن الفرق بينه وبين التخصيص، هو ان في التخصيص لا يكون في اللفظ إشعار بالحكم الثابت للعام بحيث لا يفهم بحسب المدلول اللفظي انه متعرض لحال دليل آخر، نظير قوله في المثال المتقدم: " لا تكرم زيدا " فإنه لا تعرض له بحسب المدلول لحكم العام، ولذا يتم هذا الكلام ولو لم يكن هناك دليل عام أصلا.
نعم، بعد العلم بصدور العام والمفروغية عن عدم جواز صدور حكمين متنافين من العاقل الملتفت، يحكم العقل بملاحظة أظهرية الخاص أو نصوصيته